منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
التقارير

النازحون في أربعة ولايات..مشاهد ميدانية عن قُرب

مشاهدات : صديق رمضان

في منتصف سوق مدينة سنار توقفت الحركة في أحد الطرق الرئيسة بسبب الازدحام فكان أن قلت مازحاً لسائق إحدى السيارات :”معليش نحن النازحين زحمنا ليكم مدينتكم”، فكان رده سريعاً:”ياخ والله أنتو الخير والبركة، حباب زحمتكم”، وماجري على لسانه يبدو عنواناً بارزاً في أربعة ولايات زرتها خلال شهر.

في الجزيرة فإن مدني التي حازت قصب السبق في احتضان النازحين في المدارس والأندية حتى باتوا جزء من التركيبة السكانية فإنها وبداعي اكتظاظها تنازلت لمدن أخرى منها الحصاحيصا، الكاملين، المناقل، رفاعة، تمبول وغيرها لاستضافة النازحين الذين بات لهم وجود حتى في القرى التي فتحت أبوابها لهم.

في ولاية البحر الأحمر التي قضيت في حاضرتها بورتسودان أسبوعين بعد نقل حركة الطيران إلى مطارها فإن المدينة الساحلية كانت وجهة لعدد كبير من الذين هربوا من جحيم الحرب بالخرطوم، بالإضافة إلى المسافرين خارج السودان، ورغم أن فنادقها لم يعُد فيها مكاناً شاغراً إلا أن دور الإيواء الكثيرة كانت الملاذ الآمن للنازحين، ويكافح أهل بورتسودان الظروف لمواصلة إكرام وفادة ضيوفهم وتوفير حوجتهم في الغذاء والدواء والسكن.
في القضارف فإن الولاية استقبلت اعداد كبيرة من النازحين الذين فتحت لهم المدارس وظلت كالعهد باهلها تبذل أعلى درجات الكرم والإنسانية لتوفير أسباب راحتهم، وفي القضارف فإن جزء كبير من السلع الاستهلاكية بات يتم إحضاره من إثيوبيا بما فيها المياه المعدنية لتخفيف حدة أزمة انعدام سلع وشح المياه، كما أن مدينة القلابات ماتزال وجهة يقصدها الذين اختاروا إثيوبيا مكاناً للهروب من الحرب.
اما في مدينة سنار التي أيضاً تمت استضافة النازحين في عدد من دور الإيواء فإنها تختلف عن المدن الأخرى التي زرتها وذلك من واقع أنها كانت من المناطق التي تغزي وتمد العاصمة بالاخضر والفاكهة والأسماك وتوقف ذلك بسبب الحرب انعكس إيجاباً على مواطنها حيث تشهد الولاية عامة وسنار خاصة انخفاضاً كبيراَ في الأسعار وتبدو الحياة فيها أقل تكلفة من كل المدن السودانية وهذا هو السبب في جذبها.
من المُشتركات بين الولايات الأربعة أن المجتمع مُمثلاً في التجار، المزارعين، وأصحاب المهن “ناس الأسواق عامة” هم من يتحملوا جزء كبير من دعم دور إيواء النازحين، كما أن شباب لجان المقاومة أثبتوا أنهم بالفعل مستقبل هذه البلاد فقد ظلوا في خط المقدمة وهم يعملون على توفير كافة أسباب الراحة للنازحين، مع وجود خجول ومتواضع لحكومات الولايات.
من المشتركات أيضاً حدوث إستقرار في إمداد الوقود الذي انخفضت أسعاره بعد أن مارس البعض الانتهازية في أقبح صورها وهذا انعكس إيجاباً على قيمة المواصلات.
في مدن الولايات الأربعة والقرى فإن الملمح البارز استضافة الكثير من الأسر قادمون من الخرطوم تجمعهم بهم صلة قربي او صداقة وهؤلاء الأكثر عدداً من الذين في دور الإيواء، كما أن أسر طال غيابها عن الولايات عادت إليها ونفضت الغبار عن بيوتها وعلاقاتها.
الولايات الأربعة تعاني كثيراً في الكهرباء التي باتت ساعات غيابها أكثر من وجودها رغم إرتفاع درجات الحرارة ، كما تعاني من انعدام العدد الكافي من الفنادق ودور الشباب والاستراحات الحكومية ، غير أنها تشهد إستقراراً جيداً وبعضها ومنها البحر الأحمر وسنار فإن مدارسها لم تغلق أبوابها وقد فتحت المجال لطلاب الخرطوم الالتحاق بها.

بعد توقف الحرب فإن الخرطوم “الأنانية” مُطالبة بانصاف الولايات التي تحملت تبعات الحرب بطيب خاطر ورحابة صدر، الولايات تعاني على كافة الأصعدة وأول قرار مطلوب بعد توقف الحرب تحويل جزء مُقدر من المصانع التي تبلغ 6 ألف بالخرطوم إلى مدن الولايات مكان الإنتاج لتنميتها وتوفير فرص العمل لأهلها،علاوة على تحويل الوزارات الإنتاجية إلى مكانها الطبيعي بالولايات.

أخيراً.. توقف الحرب أمنية تكاد تكون مشتركة بين أغلب من التقيناهم في الولايات الأربعة.

َوأخيراً.. الكرم سوداني الجنسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى