عثمان ميرغني يكتب : هذا هو الامل المرتجي
مصادر متطابقة أفادت قناة “الشرق” أن الوساطة السعودية الأمريكية تستعد لإستئناف مفاوضات منبر جدة بين القوات المسلحة السودانية و الدعم السريع. ومعلوم ان هذه المفاوضات نجحت في توقيع وثيقتين مايو 2023 ثم توقفت بعد آخر جولة في أكتوبر-نوفمبر 2023 بالتزامات من الطرفين لبناء الثقة، وبعد مرور ثلاثة أشهر لم يلتزم بها طرف.
و دخلت منظمة “الايقاد” على الخط فحاولت عقد لقاء مباشر وجها لوجه بين قائدي الجيش والدعم السريع لكنها فشلت ووصلت إلى طريق مسدود بعد اعلان السودان الامتناع عن التعامل في ملف السلام مع “ايقاد” قبل أن يبعث الرئيس البرهان بخطاب إلى رئيس منظمة “ايقاد” يعلن تجميد عضوية السودان.
الآن يبدو أن الوساطة الثنائية السعودية-الامريكية أدركت انها الوحيدة القادرة على التعامل مع ملف الأزمة السودانية بجدية وباتت الأمل الوحيد المرتجى لحل سلمي، فما هي فرص منبر جدة؟
المعضلة الأساسية التي تجابه مفاوضات السلام السودانية هي انعكاس الوضع العسكري على التفاوض، الدعم السريع يحاول شراء الزمن للتمدد جغرافيا، والجيش الذي يعتمد حرب النفس الطويل يحاول جر المعركة إلى مرحلة الانهاك الكلي الذي يجعل الدعم السريع ينهار كليا بفقدان قواه البشرية والتسليحية.
ولو حاولت الوساطة التعويل على توفر ارادة السلام فسيطول انتظارها، وللأسف سيطول أيضا ليل معاناة الشعب السوداني الذي يدفع فاتورة هذه الحرب من دمائه وممتلكاته وأكثر..
من الحكمة أن تضع الوساطة السعودية الأمريكية الجميع امام المحك، إما سلام ينجي السودان من سيناريوهات الانهيار والتقسيم، او تتحمل الاطراف كلها عسكرية وسياسية نتائح اطالة عمر الحرب.
في يد الوساطة أن تحدد معالم ملعب التفاوض.. الجيش السوداني هو القوة الشرعية التي يعترف العالم والامم المتحدة باحتكارها حق حماية الدولة السودانية وحراسة الاستقرار والامن، مثل كل دول العالم التي لا تقبل منازعة جيوشها في تفويضها وشرعيتها.
الدعم السريع، ومن اسمه “الدعم” هي قوات كانت تعمل وفق قانون اجازه البرلمان السوداني العام 2017 لتكون “دعما” للقوة الشرعية وهي الجيش.. ولا مجال لقبول أن تنقلب القوة الفرع الداعمة على الجيش القومي الأصل الذي يقترب عمره مائة عام..
عليه تصبح بنود الاتفاق النهائي أكثر من واضحة.. على الدعم السريع الموافقة على وضع سلاحه والبدء في اجراءات الدمج في الجيش القومي وفق ترتيبات عسكرية يمكن أن تكون هي موضع التفاوض – وليس استمرار الحرب-.
وبهذا المنطق تنحصر المفاوضات في عملية وقف اطلاق النار وتجميع قوات الدعم السريع في معسكرات خارج المدن مع توفير ضمانات عدم استهدافها ، وتعود الحياة المدنية إلى سياقها العادي باخلاء المقرات المدنية العامة كافة وبيوت المواطنين لحين الوصول إلى اتفاق يشمل التعويضات المطلوبة للدولة وللمواطنين.
وبصورة مختصرة هذه الاجراءات تعني سحب الشرعية من قوات الدعم السريع بموجب كونها تقاتل قوات شرعية معترف بها دوليا.