أغرق عددا من المناطق بسبب اغلاق المليشيا ل(خزان جبل اولياء).. فيضان النيل الابيض .. مأساة “الجزيرة أبا”
تقرير :رحمة عبدالمنعم
تعرضت الجزيرة أبا بولاية النيل الأبيض لفيضانات مدمرة جراء ارتفاع منسوب مياه النيل الأبيض، مما أدى إلى غمر القرى والمنازل وتشريد السكان ،تأتي هذه الكارثة الطبيعية لتزيد من معاناة السودانيين الذين يعيشون أصلاً أوضاعًا إنسانية وأمنية بالغة الصعوبة في ظل الحرب المستمرة وأزمات البلاد المتلاحقة.
منازل غارقة
و أكدت مصادر محلية لـ”الكرامة”أن فيضان النيل الأبيض أدى إلى تشريد أكثر من 100 أسرة من الجزيرة أبا، حيث تم إجلاؤهم إلى منطقة شرق (كوبري الجاسر) بعد أن طمرت المياه معظم منازل المدينة، وقال محمد عبداللطيف أحد السكان النازحين، ، في حديث لـ”الكرامة”:ما عايشناه أشبه بالكوابيس، المياه اجتاحت منازلنا بسرعة هائلة، لم نستطع إنقاذ شيء سوى أطفالنا وكبار السن، الآن نحن في العراء دون مأوى، نعاني من البرد والجوع.
وأضاف أن الأسر التي تم إجلاؤها تحتاج إلى خيام عاجلة ومساعدات غذائية وطبية، حيث تضم النازحين أعدادًا كبيرة من النساء والأطفال والمسنين الذين يعانون أوضاعًا مأساوية بسبب غياب الدعم الحكومي.
خزان جبل أولياء
وكشف خبراء في الموارد المائية لموقع “العربية نت” أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع منسوب مياه النيل الأبيض يعود إلى إغلاق خزان جبل أولياء من قبل مليشيا الدعم السريع، وقال المهندس حسن أحمد، أحد خبراء الموارد المائية إن إغلاق الخزان منع تنظيم تدفق المياه، ما أدى إلى تراكم كميات هائلة منها وارتفاع منسوب النيل الأبيض بشكل كارثي ،الوضع يتطلب تدخلًا فوريًا لإعادة تشغيل الخزان والسيطرة على تدفق المياه
وأشار إلى أن غياب مهندسي الري بسبب الأوضاع الأمنية أعاق أي محاولات لإدارة الأزمة، مما ساهم في تفاقم الفيضانات.
جهود الإجلاء
وتمكنت بعض الفرق المحلية من إجلاء النازحين باستخدام قوارب صغيرة وجهود فردية، حيث نُقلت أكثر من 100 أسرة إلى مناطق أكثر أمانًا شرق كوبري الجاسر. وقال الصحفي علي عبدالكريم لـ”الكرامة”:جهود الإجلاء تُدار بشكل عشوائي وغير منظم، السكان المحليون والمتطوعون يقومون بأدوار كبيرة، لكن هذه الجهود لا تكفي لتغطية الاحتياجات الهائلة
وأكد عبدالكريم أن المناطق المستضيفة للنازحين تفتقر إلى أدنى المقومات الأساسية، مثل الخيام والمياه النظيفة والرعاية الصحية، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا ويستدعي تدخلًا عاجلًا من السلطات والمنظمات الإنسانية.
تحديات بيئية
إلى جانب تشريد السكان، تسببت الفيضانات في ظهور تحديات بيئية وصحية خطيرة. المياه الراكدة التي غمرت القرى أصبحت بيئة خصبة لتفشي الأمراض المعدية، مثل الملاريا والإسهالات المائية، كما يعاني النازحون من تأثيرات البرد الشديد، خاصة الأطفال والمسنون الذين يفتقرون إلى الملابس الشتوية والمأوى المناسب.
وقال الدكتور محمد فضل الله، طبيب محلي يعمل مع فريق من المتطوعين لـ”الكرامة”:الوضع الصحي في الجزيرة أبا كارثي، هناك انتشار واضح للأمراض الجلدية والتنفسية بين النازحين، مع غياب شبه كامل للأدوية والمستلزمات الطبية ،إذا لم يتم التدخل سريعًا، قد نشهد كارثة صحية واسعة النطاق..حدقوله
ومع استمرار الأزمة، أكد خبراء المياه والبيئة أن الحلول المؤقتة لم تعد كافية، وأن الأمر يتطلب إعادة هيكلة فورية لنظام إدارة الموارد المائية في السودان ،وقال المهندس حسن أحمد لـ”الكرامة”:الفيضان ليس مجرد ظاهرة طبيعية بل نتيجة فشل إداري وسياسي ،يجب على الحكومة أن تضع إدارة المياه ضمن أولوياتها لتجنب تكرار هذه الكوارث.
أزمات متراكمة
وتأتي فيضانات الجزيرة أبا في وقت يواجه فيه السودان تحديات هائلة جراء الحرب المستمرة، حيث تتسبب الأزمات الأمنية في إضعاف البنية التحتية وتراجع قدرة المؤسسات على مواجهة الكوارث، هذا الواقع يجعل الكارثة أكثر مأساوية ويعكس حجم المعاناة التي يعيشها السودانيون يوميًا.
وتظل الجزيرة أبا صورة مصغرة للأزمات التي تعصف بالسودان، بين فيضان مدمر وأزمات إنسانية وسط الحرب المشتعلة، يجد المواطن نفسه في معركة بقاء على جبهات متعددة.
ويبقى السؤال: هل تتحرك الحكومة والمنظمات الدولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ أم أن المعاناة ستستمر في ظل التجاهل والحرب الدائرة؟
الأيام المقبلة ستحدد ملامح الإجابة، لكن الواقع الحالي يشير إلى أن السكان بحاجة إلى تدخل فوري لإنقاذهم من كارثة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم.