منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
مقالات

كل الحقيقة -عابد سيداحمد- البيوت منهوبة والحياة مفقودة !!

* عندما سئل عبقرى الاشعار المبدع اسحق الحلنقى عن الوشوشة فى مقطع :

* لو وشوش صوت الريح في الباب يسبقنا الشوق قبل العينين.
* ضحك وقال انها لسان حال الموسيقار محمد الامين وليس حالى
*
* ثم حكى بطريقته البليغة المحببة قصة جلوسه مع الباشكاتب مساء يوم كان فيه ود الامين ينتظر نجمة تطل، الا ان سحابة قد حجبتها و انه طلب لحظتها منه أن يحكي عن حالته، فتقمص هو شخصيتة لنصف ساعة وكتب القصيدة،

* ولكن في النهاية ورغم الغياب وصلت خيول ود الامين إلى منصات التتويج وتزوج بمن احب هكذا حكى الحلنقى

* وهكذا حالى مع الاحبة وان اختلف المشهد هنا وهناك إلا أن الشوق واللهفة والانتظار كان مشتركا

* نعم هكذا كان حالى وانا اعود بعد عام ونصف لامدر والشوق يسبقنى قبل العينين لرؤية بيتنا وللشارع وللحى وناس الحلة
*
* وساعات الليل تمر بطيئة وانا ابيت بكررى منتظرا الفجر لتسمح لى السلطات هناك بدخول منزلنا بالحى الام درمانى المحرر حديثا والمجاور لامبدة التى تدور فيها معارك التحرير
*
* وفى الصباح و فى انتظار السيارة التى تقلنا إلى هناك كان حالى كحال شاعرنا المبدع تاج السر عباس

* قبال ميعادنا بساعتين ابيتو انا وابانى البيت

* فخرجت من البيت الذى استضافنى ليلتى تلك بالثورة وجلست فى الشارع ومااقسى الانتظار
* وعندما وصلت للحى وجدت الحزن يتمدد فى طرقاته وعلى أبوابه المفتوحه وفى بقايا ماتركه اللصوص أمام بوابات البيوت وفى المتاجر المنهوبة والميادين وفى الأشجار التى يبست لفقدانها لمن يسقيها
*
* وفى اختراقات الرصاص للعمارات التى كان بها قناصين تم طردهم بعد اشرس المعارك التى استبسلت فيها قواتنا بالحى الذى كانت المليشيا قد أحكمت سيطرتها عليه وعاثت فيه فسادا كبيرا

* فى بيتنا هناك والذى عدت إليه بعد الغياب القسرى الطويل وفى الحلة التى وجدت حتى الطيور قد هجرتها بعد أن هجرها أهلها مرغمين عشت اقسى لحظات الشجن الاليم

* و الحى برغم أنه صار امنا بعد طرد المليشيا منه الا أن المواطنين لم يعودوا اليه بعد لترتيبات تتعلق باستكمال التامين وعودة الخدمات
*
* المهم دخلت والسكون مخيما على الحى فلا كائنات تمشى أو تعيش غير جنودنا البواسل بعيونهم المفتوحه هنا وهناك

* دخلت البيت وكل ابوابه مفتوحة و مالم يسرق متناثر داخل الحوش و المكيف مكانه فارغا و الحركة داخل الغرف تحتاج إلى براعة الحواة

* وكل ماتركوه اذلوه اما بالتمزيق أو التكسير أو القلب

* وحتى الصور المعلقة على الحوائط لوالدينا الموتى قد مزقوها وكان بهم غبن على الأحياء والأموات
*
*ولم يتركوا شيئا من كل مااستطاعوا حمله

* فجلست حزينا وسط البيت الذى ضمنا لعمر طويل بكل ذكرياتنا واوانا مع تقلبات الحياة
* ولم نتوقع يومااو يتوقع هو أن يهان بهذا الشكل الغجرى فقلت فى دواخلى حتما سنعود قريبا لنبدا من جديد

* برغم أن العمر لم يعد يقوى على ذلك

* واجتررت ذكريات حى كان امنا استباحه الاوباش و بيت اسسناه بعرق العمر فنهبوه فى ساعات وشردونا من ليس لديهم انسانية أو ضمير

* فخرجت وخيل لى أن شارع بيتنا يتساءل لمن تتركونى أكثر ممافعلتم وخطواتى تتثاقل فى الخروج من حى جمعتنا فيه اجمل الذكريات وشارع مشينا فيه اجمل الخطوات

* تركناه مجبرين لنمشيها خطى بعد اندلاع الحرب مع اهل بلادنا فى المهاجر ومتاهات النزوح البعيد … مشيناها ولكل منا حكايات وماسى مع الجنجا والزمن الردئ

.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى