منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
التقارير

حكايات من داخل الخرطوم 51 يوم حرب…. وصوت الحياة اقوى

كتب:محمد ابراهيم الحاج

*الاجواء في الخرطوم صبيحة اليوم ٤٨ للحرب معبأة بريحة دعاش مطر (قبل يومين) مع ريحة البارود والمعاناة المتصلة..

* الخرطوم مدينة (كملانة من لحم العافية).. تغالب نزعها الاخير… (تفرك) حجر المعاناة كل صباح عشان خاطر (عيش) ،(موية) ، (كهرباء) وبعض التآسي والتصبر والتجلد على ايام كالحات…

* تستمر الحياة برتمها البطيء.. بشظفها…وشغف البعض لصناعة اشكال (التكيف) و(التماهي القسري) مع صنوف المعاناة المتزايد يوما بعد آخر… في شانهم هذا هم (بتضجرون) كثيرا من غياب الخدمات الاساسية ونضوب بعضها ..( يصيبهم الذعر والهلع) مع اصوات المسيرات والمدافع والدوشكا والمقذوفات التي تتطاير فوق رؤوسهم… (يبتسمون) لبعض المواقف والمفارقات (يضحكون) حد القهقهة..انهم يقتلون في نفوسهم كل مثبطات كونهم (داخل ارض معركة) بكل ماتيسر لهم من طاقة…فكيف هم؟:

*تجر حاجة (خديحة) ارجلها في تثاقل بائن.. الشلوخ التي في وجهها تمنحها بعض الصرامة. استوقفها (سفيان المسخوط) مداعبا اياها بصوته المتحشرج..(ياحاجة ماشة وين…اقعدي في بيتك ماتجيك طلقة طايرة). قطبت حاجة خديحة حاجبيها في لؤم وردت سريعا بسخرية الفها اهل الحي منها: وانت يا المسخوط برجليك (الاتنين شمال ديل) مابتجيك الطلقة الخايبة دي…دحين كان مشيت مليت البرميل موية مش كان احسن ليك من مصاقرة الضللة..اجي يابنات امي)..ومضت في طريقها فيما انفجر الحاضرين ضحكا وسخرية من (سفيان المسخوط)… لقد حركت حاجة خديجة (صمتهم) الطويل في جلستهم امام ضل دكان (اليماني) بعدما كملو حكايات الحرب والشكوى من المعاناة…

*في طرف الحي كان (ود الاحمر) بخبيء سيارته ذات الدفع الرباعي بعيدا من ايدي (الناهبين)…فنزع بطاريتها واطاراتها الاربعة..ولكن ده ماكان (عائق) امام نهم نهب (اللصوص المسلحين) فأحضروا بطارية جديدة واريعة (لساتك) ودوروا العربية وطلعوا بيها تحت تهديد السلاح….

* الاطفال هنا في حي الجريف لم تعد ترعبهم اصوات المقذوفات..يقضون اغلب اليوم في اللعب بالكورة البلاستيكية او (البلي)..ذات غارة صاحت في وجههم والدتهم (يا اولاد خشو جوه سريع)..لم يتوقفوا ..واصلو في لعبهم ..واكتفى احدهم بالرد عليها بتأفف وثقة (يمة دي اصوات (مضادات طيران) ساي مابتعمل حاجة…اسقط في يد الوالدة ليس من جرأة الاطفال ولكن في سرعة التقاطهم وذكاؤهم وتمييزهم بين انواع المقذوفات….

*اتصلت باحد اصدقائي المقيم بحي اركويت القريب مننا للاطمئنان عليه..استغربت عندما وجدته لايزال مقيما بمنزله رغم خروج اغلب اهالي الحي خارج الخرطوم…رد علي بسخرية :(يازول نحن في الحي كلو ستة اولاد وكلبين وخمسة كدايس متعايشين سوا وبناكل سوا)…

*في بعض مناطق احياء الخرطوم انتصبت اسواق (قوقو) لبيع كل شيء ..تحوي الاسواق بضاعات متنوعة مثل الشاشات الكبيرة للتي تباع بأسعار زهيدة للغاية قد تصل الى عشرة الف جنيه فقط للشاشة مقاس ٤٢ بوصة والرسيرفرات التي تمنح هدية مع الشاشة والاجهزة الكهربائية (المايكرويف الجديد بخمسة الف جنيه) الغسالات تصل اسعارها الى ثلاثين او خمس وعشرين الف جنيه والهواتف المحمولة الذكية بعضها بخمسة الف وعشرة…كثير من هذه البضاعة تم نهبها من البيوت والمحلات…وبعضها عرضها الاجانب من (الاحباش والشوام) الذين غادروا الى بلدانهم بلاعودة…

*ضل البيوت الصغيرة في الصباح..رواكيب ستات الشاي في الاحياء…تجمع نسوان الحلة في قعدات القهوة وتداول قصص الحرب والنهب بطريقة لاتخلو من التهويل…كل واحدة بتزيد من عندها شوية..التئام شمل الاسر الصغيرة والكبيرة…مساندة الحيران لبعضهم البعضهم وتعاونهم في حل مشاكلهم….. تفصيلات (صغيرة) تجمعهم…تهزم جيوش اليأس والخوف ومحاولة كسر قوة الحياة داخلهم…

تفاصيل انسانية شعبية تهزم حتى الان رغبة المتقاتلين سلبهم (حق الحياة)…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى