منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
التقارير

” جود ” قصة طفلة تبحث عن الأمان بعيداً عن حضن أمها

الخرطوم : رحاب فضل السيد

منذ إندلاع الحرب في منتصف إبريل الماضي وأنا أتابع أحوال صديقاتي وأصدقائي الصامدين أمام زخات القصف الحربي بالخرطوم ، أتردد مرات وأدخل مرة إلى مواقع التواصل الاجتماعي خوفاً من أن أفجع في أحدهم، كل ما يُدوّن على هذه الصفحات قادر على نسف ماتبقى من الأمل…
كَتَبت إحدى صديقاتي في حالتها على تطبيق واتساب “بس حاجة واحدة طالباها منكم ادعوا لي ألاقي جود بتي تاني”، وهكذا تبخرت أحلام “أم جود” من بناء الدولة المدنية التي لم تفتأ تطالب بها، إلى أن يجود الله عليها بمعانقة ابنتها الوحيدة “جود” مرةً أخرى.

تسكن “أم جود” في منطقة المهندسين بأم درمان، بمنزل الأسرة الكبيرة، يتواجد زوجها خارج السودان، ظلت” أم جود” واسرتها صامدون لأكثر من شهر تحت مرمى نيران القصف الحربي وفي ظروف صعبة للغاية حيث استعصمت الكهرباء بالبعد عن المواطنين، وجفّت المياه في صنابيرها، واغلقت المتاجر والمخابز، ولا شيء متاح سوى جنود مدججون بأنواع مختلفة من الأسلحة، سرعان ما قتلوا الحياة في شوارع المدينة وملأوها موتاً وحزن.

وعندما تطاول أمد الحرب واستحالت الحياة بالمنطقة قررت الأسرة مغادرة المنزل والتوجه صوب مدينة بورتسودان بمن فيهم “جود” ذات الأربع سنوات التي انتزعتها الحرب مكرهه من حجر والدتها، وتقول أم جود : “رفضتُ المغادرة مع الأسرة وحمّلتهم أعز ما أملك آثرت البقاء مع والدي الذي رفض هو مغادرة المنزل”، غادر الجميع ويمموا وجوههم شرقاً نحو مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر، تاركين خلفهم مشاهد أشد حزناً وألماً.

منطقة المهندسين التي تحتضن سلاح المهندسين التابع للجيش السوداني، طبيعتها تلك جعلت منها قطعة من جحيم، تعيش أم جود ووالدها وابن شقيقتها على انقاض هذه المدينة التي أصبحت خاوية على عروشها، يعتمدون في غذائهم على ماتبقى من مواد غذائية ربما من بركات شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن واُشعلت الحرب في خواتيمه ، لكن هاجس انتهاء الأدوية المزمنة التي يستخدمها رب الأسرة أكثر ما يقلق أم جود نظراً لخروج صيدليات المنطقة عن الخدمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى