معاوية السقا تكتب شيخ الرفاعي الكلام دخل اللحم الحي

مما لاشك فيه أن الدراما هي الفعل الإبداعي الأكثر تاثيرا وتشخيصا للواقع لأنها تخاطب العقل والوجدان معا فكثير من الأعمال الدرامية ساهمت بشكل كبير في حل قضايا شائكة ومعقدة
وبالنظر لتجربة الدراما السودانية نجد أنها محاطة بالكثير من القيود التي تفرضها الاعراف الاجتماعية أو سلطة الدولة فلم تخرج من دائرة معينة ولم تتحلي بالجراة لأنه مجرد تجاوز الخطوط الحمراء المفروضة تجد انك أمام سيل من الهجوم والانتقادات من كيانات تدعي الفضيلة علي الرغم من أنها تعاني الكثير من الامراض
هذه الوضعية التي فرضت من قبل المجتمع والسلطة شكلت رقيبا داخليا بالنسبة لمعظم كتاب السيناريو بحيث لايستطيع احد أن يتخطى الحواجز المفروضة الا وستجد نفسه في مواجهة مع المجتمع والسلطة
في منتصف التسعينيات انتقد خطيب مسجد مسلسل الاقدام الحافية الذي تناول قضية المشردين وعلى ضوء هذا الانتقاد أوقف التلفزيون بث المسلسل في الحلقة الرابعة ولم تقم له قائمة الي يومنا هذا ذات السيناريو تكرر مع مسلسل بيت الجالوص عندما تناول الإعلام الفاسد وعلاقته بالسلطة الفاسدة تم ايقاف المسلسل بحجة أن الاعلاميين ملائكة هبطت من السماء علي الرغم من أن راعي الضأن في الخلا يعلم فساد بعض الاعلاميين الذين اثروا ثراءا فاحشا بمتاجرتهم بالقضايا
بعد سقوط الإنقاذ وفي ظل الفضاء المفتوح وتعدد المنابر باتت الدراما أكثر جرأة في تناول القضايا وتشريح الواقع المازوم فظهرت اعمال بوجوه جديدة وضعت الملح علي الجرح وتحدثت عن المسكوت عنه
وما يهمنا الآن مسلسل ود المك وعلي وجه التحديد شخصية شيخ الرفاعي التي اثارت جدلا كثيفا وصل الي منادات هيئة علماء السودان بايقاف المسلسل فضلا عن الهجوم غير المبرر من ائمة المساجد
بالنظر الي هذه الشخصية احسب انها واقعية الي درجة بعيدة فامثال شيخ الرفاعي موجودون في واقعنا واذا ما رجعنا الي أرشيف الصحف سنجد الكثير من الأخبار الصادمة المتعلقة بمن يدعون أنهم رجال دين فهنالك شيخ الخلوة الذي اغتصب ١٣ طفلا ومعالج بالرقية الشرعية تحرش بمريضة وشيخ آخر يدعي الفضيلة ضبط زانيا في نهار رمضان كلها حقائق موثقة وفقا لبلاغات في مضابط الشرطة اذن لماذا ندفن رؤسنا في الرمال ففي كل مجتمع يوجد الصالح والطالح ومهمة الدراما أن تلقي الضوء علي مثل هكذا قضايا
ونواصل