
وقائع أغرب من الخيال شهدتها مدينة بحري بتاريخ 21 ديسمبر الجارى، حيث تم إختطاف الشاب (عثمان) في العشرين من العمر بواسطة مجموعة قامت بإنتحال صفة نظامين وادعت أنهم ينتمون للخلية الأمنية، لولا مباحث فرعية بحري لكان الشاب قد قضى نحبه جراء التعذيب الذي تعرض له بطريقة وحشية تشابه تماماً أسلوب (الدعم السريع) الذي انتهجته في خطف وتعذيب ضحاياها مما يشير إلى أن الجناة لهم صلة بالميليشيا أو أنهم تأثروا بجرائمها.
تقدم الشاكي (مجد) ببلاغ كشف فيه أنه وأثناء تواجدهم وهم مجموعة من الأصدقاء بينهم الضحية بالقرب من بائعة شاي بالمنطقة المحيطة بأسواق (سيزر) بالحلفايا، حضرت عربة آكسنت على متنها أشخاص عرفوا نفسهم بأنهم ينتمون للخلية الأمنية وسألوا عن (عثمان)، وعندها أشار إليهم الضحية بأنه المطلوب، فقاموا باقتياده وإدخاله للعربة التي انطلقت واختفت في لمح البصر.
مر يومان دون أي أثر ليتقدموا ببلاغ اختطاف ضد مجهولين. بعدها حضر ابن خالة الضحية لقسم الشرطة، حيث أبلغهم بأنه يشك بأن اختفاء عثمان يقف خلفه طليق شقيقته.
بدأت الأسرة تتلقى فيديوهات من أرقام مجهولة بينها أرقام أوروبية وعالمية ومحلية وكان أول تلك الفيديوهات أن أظهر الضحية وكان عاريا تماما، حيث وصل الفيديو لشقيقته (روان)، ومن ثم بدأت ترد فيديوهات تظهر عمليات تعذيب ممنهج للضحية، حيث يبدو متألماً من شدة التعذيب ووصلت تلك الفيديوهات لأشقائه ووالديه وبعض أفراد الأسرة.
بدأ المجهولون يرسلون رسائل فحواها أن الضحية لن يفرج عنه ما لم تسافر شقيقته من أمريكا إلى قطر حيث يقيم زوجها ابن الأسرة الشهيرة.
شرعت مباحث فرعية بحري بعمليات تحرٍ واسعة دقيقة اتبعت خلالها أحدث منهج لتفكيك طلاسم الجريمة التي بدت غامضة ووضعت المباحث فرضية تورط طليق شقيقة الضحية نجل العائلة الثرية المدعو (نزار) في الجريمة وشرعت في جمع المعلومات.
عمل متواصل ليل نهار لأيام متتابعة وجهد كبير لقوة مباحث فرعية بحري أسفر ذلك المجهود عن التوصل لعلاقة وثيقة بين المذكور والجريمة، وأشارت أصابع الإتهام إلى طليق شقيقة الضحية وهو مهندس بإحدى كبريات شركات البترول في دولة قطر، وأشارت أصابع الإتهام إلى تورط شقيقه الأصغر المدعو (مازن) كذلك ، بجانب تورط (5) أشخاص يجري البحث عنهم هم الذين انتحلوا صفة نظاميين ونفذوا جريمة الخطف.
عقب التأكد، شكلت مباحث فرعية بحري فرقاً للبحث وجمع المعلومات حول المتورطين، وتوصلت الفرق إلى معلومات هامة تفيد بأن المتهم (نزار) قد وصل إلى البلاد بتاريخ الخامس من ديسمبر الجاري وأن شقيقه (مازن) وصل للبلاد بتاريخ الرابع عشر من ديسمبر الجاري وأنهم قاموا بإخفاء أنفسهم والإدعاء لمعارفهم بأنهم لا زالوا في دولة قطر.
أسفرت جهود المباحث وتحرياتها لأيام عن التوصل إلى شقة بمدينة النيل أم درمان تبين أن المتهمين الشقيقين يتخذانها مخبأ لهما، كما اتضح بأنهما قاما بإيجار عربة آكسنت من محل ليموزين بأم درمان والتي استغلت في ارتكاب الجريمة.
تتبعت مباحث بحري العربة وتحركاتها وتحركات الجناة واتضح أن الضحية محتجز بمنزل ( بحي البستان) أم درمان.
تم تشكيل فرق للمراقبة والمداهمات وتم تنفيذ عمليتي دهم إستهدفت الشقتين بكلا المنطقتين مدينة النيل وحي البستان، وعثرت المباحث بشقة مدينة النيل على شقيق المتهم (مازن) وتم القبض عليه.
وبمداهمة شقة حي البستان تم العثور على المتهم الأساسي (نزار) والعثور على فرد حراسة، بجانب العثور على المخطوف (عثمان) وهو بحالة يرثى لها، حيث كان معصوب العينين ومربوطة كلتا يديه من الخلف. وبتفتيش الشقة عثرت الشرطة على أحدث طراز كاميرات التصوير وعلى هواتف نقالة، بجانب العثور على صناديق شرائح جديدة بينها شرائح محلية وأخرى عالمية، يجانب العثور على (3) عبوات قنابل قرنيت. تم تحريز المعروضات وفتح بلاغات في مواجهتهم تحت المواد 162 / 164 من القانون الجنائي المتعلقة بالإختطاف والحجز غير المشروع.
أولاً نهنئ مباحث فرعية بحري لهمتها ومهنيتها في التحري والتوصل للجناة. وهذه الإشادة تستحق وقوف المسؤولين على الحدث وتحفيز القوة التي أعادت ثقة المواطن في الشرطة.
ثانياً ماحدث هو خلاف أسرى ولكنه تطور على نحو مفاجئ إلى عمل إجرامي عصابي وممارسات لا يقوم بها إلا أخطر أفراد المافيا العالمية والإقليمية وهو سلوك يعكس مدى إنحدار القيم الأخلاقية فى مجتمعمنا .
ثالثاً الأسلوب المتبع في الجريمة دخيل ويشابه أسلوب ميليشيا الدعم السريع الذي اتبعته في خطف الضحايا وتعذيبهم في مقاطع مصورة وإرسالها لأسرهم لابتزازهم بالأموال.
يجب القبض على المتهمين الخمسة وتقديمهم للمحاكمة وإحالتهم للتحقيق بصورة دقيقة، فالحادث يشير إلى أن المتهمين ربما كانوا مسلحين وربما لهم صلة بالميليشيا وهو أمر يثير التكهنات حول وجود جيوب خطيرة بالعاصمة يجب استئصالها فوراً وقبل أن تتطور.

