بحصافة فاروق شوشة يُنصف سيد قطب وحافظ حُميدة إمام محمد إمام
لم يكن الدكتور حافظ محمد علي حُميدة نائب رئيس جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا، يتوقع أن المقاربة الاستشهادية التي أوردها في ثنايا كلمته الافتتاحية، باعتبار أن الجامعة راعية لاحتفائية تأبين الأديب السوداني الراحل الطيب صالح في الخرطوم، عن إسهامات رجاء النقاش مع الطيب صالح، وسيد قطب مع نجيب محفوظ، ستُثير جدلاً في أروقة احتفائية التأبين في قاعة الصداقة بالخرطوم، ومن ثم، بعد انفضاض الاحتفائية، إذ أن الكثير من النقاد والباحثين في أدب الطيب صالح يجمعون على أن إسهامات الأستاذ الناقد الأدبي المصري رجاء النقاش، عبر كتاباته عن رواية “موسم الهجرة إلى الشمال” للأديب السوداني الطيب صالح، كان من العوامل المهمة في ذيوع الرواية وانتشارها بين العالمين. ومن ثم كانت هذه الرواية التي جعلته أديباً عربياً عالمياً، حيثُ تُرجمت إلى أكثر من 70 لغة، فاتحة لاشتهار رواياته وكتاباته. وأبان الدكتور حافظ حُميدة في مقاربة بين ما أحدثه رجاء النقاش في إشهار رواية “موسم الهجرة إلى الشمال”، ومن ثم بلوغ صاحبها شهرة واسعة، وكذلك فعل المفكر الإسلامي سيد قطب الذي كان يُمثل واحداً من أهم الكتاب والمفكرين الذين أثاروا جدلاً واسعاً في حياته وبعد موته، فهو الأديب والناقد في مرحلة شبابه الأولى، وهو الداعية الإسلامية – على نحو فهمه لكتاب الله وسنة رسوله-. وقارب الحافظ من جهةٍ بين قطب ونجيب محفوظ، ومن جهةٍ أخرى، بين النقاش والطيب صالح. فأوضح الدكتور حافظ حُميدة أن سيد قطب يُعد أول مَنْ كتب عن نجيب محفوظ في العالم، مُشيراً إلى مقالاته عن نجيب محفوظ موجودة في كتابه “كتب وشخصيات”، فخلص إلى أن الراحل رجاء النقاش من خلال كتاباته عن رواية “موسم الهجرة إلى الشمال”، أظهر الروائي الطيب صالح، كما فعل من قبل سيد قطب مع الروايات الأُول لنجيب محفوظ، وتوقع له مستقبلاً زاهراً في الأدب، وبالفعل تحققت توقعات سيد قطب، إذ علا وسمّا نجيب محفوظ في عالم الرواية والأدب، وتوج هذا العلو، وذاكم السمو، بالحصول على جائزة نوبل في الآداب في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1988.
أما الكاتب المصري حلمي النمنم رئيس مجلة “المصور” المصرية، استهل حديثه عن الطيب صالح، مشيداً به، إذ قال إنه كان إنساناً عظيماً وجميلاً، وله مساهمات بارزة في الرواية العربية، والمقالات التي كان يكتبها غير رواياته المعروفة.
وأضاف أن الطيب صالح نموذج للعمل الثقافي العربي، وروائي سوداني عاش فترة في مصر، وكتب فيها وتم تقديمه من خلالها، ثم سافر إلى لندن، ليقدّم من هناك، مع مجموعة من المثقفين العرب في أوروبا، الثقافة العربية للغرب عموماً. والغريب أن وفاته تأتي في ذكرى مرور عام على وفاة صديقه رجاء النقاش.
وفي محاولةٍ منه لدحض ما ذهب إليه الدكتور حافظ حُميدة من أن سيد قطب ساهم بقدرٍ فعالٍ في شهرة الروائي المصري نجيب محفوظ. ولم يكتفِ بذاكم الرد العابر، فما أن عاد إلى بلاده، حتى كتب مقالاً مطولاً في مجلة “المصور”الأسبوعية المصرية التي كان رئيس تحريرها آنذاك، يرد فيه على مقاربة الحافظ! ولكن ما تعجب له الدكتور حافظ حُميدة، جهل النمنم بحقيقة إسهامات سيد قطب في الحركة الأدبية الحديثة في مصر، وتصدر سيد قطب للجيل الثاني من النقاد الذي تلا جيل الرواد، مثل طه حُسين وعباس محمود العقاد. وإسهامات سيد قطب غير المنكورة في النقد الأدبي فقد ساهم سيد قطب عبر كتاباته النقدية في النهضة العربية.
وفي رأيي الخاص، أن النمنم في إنكاره لإسهامات سيد قطب في شهرة نجيب محفوظ، لم يكن عن جهلٍ، بل فيها قدرٌ ملحوظٌ من إسقاطاتٍ أيديولوجيةٍ، وتبايناتٍ فكريةٍ، أحدثت قدراً من الغبش في تفكيره، وسوءاً في تقديره، وإعوجاجاً في رؤيته، وظُلماتٍ في شهادته!
وفي الذكرى الثانية والخمسين لإعدام المفكر الإسلامي الشهيد سيد قطب، تساءل الناس عن أنه كان مريداً مباشراً لعباس محمود العقاد أم الدكتور طه حُسين؟ وذهب الكثيرون إلى أنه كان مريداً للعقاد، وكان يداوم الحضور إلى “صالون العقاد”. وأنه أول مَنْ كتب عن الروائي المصري الراحل نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل في الآداب، وهو مَنْ أظهر رواية “قنديل أم هاشم” للكاتب المصري يحي حقي في العالم، حسب شهادة الشاعر والكاتب فاروق محمد شوشة.
أخلص إلى أن الشاعر والكاتب والإذاعي المصري فاروق محمد شوشة، قال في حوارٍ تلفزيونيٍ مع مفيد فوزي إن سيد قطب كان شاعراً رومانسياً، مثل علي محمود طه ومحمود حسن إسماعيل ومحمد عبد المعطي الهمشري، مُشيراً إلى أن سيد قطب كان تلميذاً مباشراً ومريداً لعباس محمود العقاد.
وأنصف الشاعر فاروق شوشة سيد قطب وحافظ حُميدة معاً، عندما شهد بالحق، أن سيد قطب أول مَنْ كتب عن نجيب محفوظ في العالم، وهو أول مَنْ كتب عن يحي حقي في العالم، مُشيراً إلى أن مقالات سيد قطب عن نجيب محفوظ ويحي حقي موجودة في كتابه “كتب وشخصيات”.
وأشاد فاروق شوشة بإسلاميات سيد قطب، مثل “مشاهد القيامة في القرآن” و”التصوير الفني في القرآن” وتفسيره الأشهر “في ظلال القرآن”.
وقال فاروق شوشة إن معلومات زملاء قطب وتلاميذه عنه في كلية دار العلوم أنه الشاعر والناقد لأي شئ آخر. وخلص شوشة إلى أن قطب كان يمتلك رؤية نقدية وبصيرة.
وهكذا شهد فاروق شوشة بالحق، لسيد قطب بأنه أول مَنْ كتب عن نجيب محفوظ في العالم، كما أنهى لجلجة حلمي النمنم مع حافظ حُميدة، بالتأكيد على ما ذهب إليه الكثير من النقاد العرب أن كتابات سيد قطب عن نجيب محفوظ أشهرته بين العالمين إلى يوم الناس هذا!