منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
منوعات

مقالات شخصية (39) انغلاق العقل بقلم/ د. علي الدرورة

قد تندهش إذا قلت لك إنّ البعض يحمل عقله في رجله!! نعم في رجله، وليس في رأسه.
ولا شك بأنّ هذا الكلام يبدو لك مضحكاً وأنا أعرف ذلك جيّداً، ولكنّها الحقيقة، حيث تنصدم من أفكار سخيفة جداً لا تتوقع بأنّ هناك أشخاصاً ما زالوا بهذه العقلية السّاذجة في العصر الحديث !!!.

لا شك بأنّ هناك أناساً تحمل بعض العقليات بحالة سلبية وعديمة النفع حتى لصاحبها، ومهما أوضحت الحالة الإيجابية لهؤلاء فلا فائدة تذكر مهما بلغت وبالغت في التفاصيل فهي ذات عقول منغلقة، بل هي خاوية، وتأبى بل وترفض الانفتاح وكأننا نعيش في القرون الوسطى.

حين تشرح لأحدهم أمراً فتراه يستمع إليك متذمّراً ويكون على أحرّ من الجمر وينتظرك بفارغ الصبر لتنهي كلامك وبمجرّد أن تكون انتهيت وكأنه لم يسمع شيئاً، يعني أنّ الكلام والشرح والتفصيل ذهب أدراج الرياح وحينها تكون كأنك تنفخ في قربة مثقوبة.

العقلية المتحجرة موجودة في أغلب المجتمعات منذ أقدم العصور ولن تنتهي؛ لأنّها سلالة لا يمكنها الاختفاء أبداً.

حين مدح (العقل) لم يترك (الجهل) وشأنه بل ذمّه أكايس الناس ووصموه بأبشع النعوت، ولهذا (فالجهل بهدم بيت العزّ والشرف)، كما قال الشاعر، ولا يمكن أن تتقدّم الأمم على عقليات جهالها أبداً.

حين تشرح لأحدهم الفرق بين (ركض) و (هرول) لا يصدّق أنّ هناك فرقاً، و (أكل) و (شرب) لا يصدّق أيضاً، وتشرح له بين (نام) و (قعد) لا يصدّق بأنّ هناك فرقاً أبداً، وتشرح له الفرق بين العصيدة والخبيصة؛ لأنّها الأقرب إلى عقليته فلا يُصدّق أيضاً، وَهَلُمَّ جرًّا، ولو جئت له بقواميس العرب كلّها؛ لأنّ المسألة هي مسألة فكر متحجر وغير قابل للانفتاح، وبالتالي لا فائدة تذكر من ذلك، فكلّ ما شرحته قد تبخر؛ لأنّ الطرف الآخر غير مستعدٍّ ليفتح عقله للتنوير أبداً.

وذلك هو الجهل المركب، وكأنه طبقات الجاهلية التي تأبى أن تزول من عقول أمثال هؤلاء.
وفعلاً تلك القلوب عليها أقفال الجاهلية وقد صدئت.
والله المستعان!.
____
منتدى النورس الثقافي الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى