خارج الذات .. داخل العالم _ بقلم الكاتبة عاليا محمود – إرتريا.
”من الضروري العودة للجذور أحياناً، إنّه المكان الذي صنع ما أنا عليه الآن ، فالإنسان في البيئة المريحة يضعف سريعاً.”
هاروكي موراكامو
أتذكر قصة Alic in wonderland -آليس في بلد العجائب- أنّ آليس كانت تقوم بتمرين صباحي بتخيل ٧ أمور مستحيلة الحدوث، كقط يتحدث ويختفي حينما يريد، وحفلة شاي تتحدث بها الأكواب الخزفية، أظن بشكل يقيني أنٌ ذلك غير صحي.
الخيال يقودنا إلى مناطق خطرة ، والوجودية على طراز جان بول سارتر قد تكون العلاج الأمثل لحالات معينة من الأحلام التي قد تستهلك أرواحنا وكل ما نملك، لذلك الخيال قد يكون خطراً ، والإعتراف بأن لاشيء على مايرام، وأنّ العمر تبدد بشكل مهول ومخيف بين مقاهي القهوة وأفكار الأصدقاء السابقين وثرثرة العامة، وأنّ الحياة مشروع عظيم ظنٌنا يوماً أنه لا يستحق كل هذا السعي؛ لذلك عليك أن تقاوم بشراسة …!
ينبغي عليك أن تقاوم فداحة فشلك في تتبع عالمك الخاص، فداحة انتهاكك المستمر لمقدساتك الخاصة وتركها للعامة، فداحة استخفافك بذاتك والاستمرار بأنّ كل شيء حقيقي.
إن لم تصنع حقيقتك الخاصة حينها لاشيء سيكون حقيقي، ستسكن في عوالم الآخرين كمتسول دون ملجأ، لاشيء سيشعرك بأنك تستحق ستُفني أيامك وأنت تبحث عن روحك وقلبك، وذلك الشغف القديم قدم أطباق جدتك المفضلة في المقاهي القديمة وفواتير الكهرباء والماء التي تأخرت في دفعها، وحقائب الأصدقاء، وبين طبعات الكتب القديمة التي لديك من بائع كتب.
ستتناثر روحك ككأس زجاجي تهشم حديثاً، ستحاول التأقلم مع الريح القوية مرتدياً قميصك رقيق الخامة أخضر اللون.
لاتسئ فهمي … ستكون بخير.
سيسألك الأخرون عن حالك، ستخبرهم بابتسامتك المتصنعة وأنت تشبك أصابع يديك بتوتر بأن كل شيء بخير، وأن عائلتك اللطيفة على مايرام وأنك أخيراً قمت بتسديد أقساط سيارتك الخاصة، وأنّ ابنك الأصغر قد التحق حديثا بأفضل مدرسة في المدينة. بعدها ستصمت وتترك الطاولة وتذهب وحيدًا إلى عائلتك التي تنتظرك لتناول العشاء، وتتوقف فجأة بسبب ذلك الثقب الكبير داخل روحك الذي يجعل خطواتك أبطأْ، وتشعر بذلك الثقل الذي يتملكك، حينها ستدرك تلك الحقيقة التي أرعبتك وحاولتَ طيلة حياتك أن تتفادى النظر مباشرة إليها وتجدها قابعة أمامك في وسط الطريق، بأنك تركت روحك داخل غسالة الملابس صباح يوم شتوي وأضعتها مع جواربك التي اختفتْ بشكل مفاجئ يوماً ما؛
أو ستظن ذلك …!