حفرت في الأفئدة بعيداً واستوطنت الدواخل والتي كان منطلقها برنامج (مع ماما صفية)،وبرامج الأطفال..شخصيتها بذات الألق الذي يكتنف موهبتها،شخصية مرتبة ومنظمة تعرف ماذا تريد وكيف لها أن تفعله؟ويكفي كمثال لهذا تفضيلها لولوج الإذاعة قبل التلفزيون..عملت في كد واجتهاد لم تهدها الظروف التي كانت تتمدد حول أسوار المهنة في ذلك الوقت،حيث لم تكن هناك مرتبات مجزية،جاءت الأستاذة يسرية لهذه الدنيا من أب سوداني وأم مصرية،فكانت إحدى خلاصات وادي النيل،وكانت خلاصة الحديث معها عبر هذه الجلسة
دعينا في البداية نسلِّط الضوء على أولى خطوات يسرية محمد الحسن في حوش الإذاعة والتلفزيون؟
بداياتي كانت عبر برنامج الأطفال (مع ماما صفية)وكان لدي فرقة تسمى (الفراشات الراقصة)كنا نقدم رقصات توقيعية للأطفال أنا وشقيقتي الكبرى ،حيث كنت أجيد عزف الأكورديون والساكس والأورغن فقد تعلمت عليهم في المدارس المصرية ،ماما صفية كانت نعم المربية ولم تكن مذيعة فحسب، بل لها الفضل في صناعة جيل يسرية محمد الحسن وليلى عوض وأخريات،بعدها توقفت لفترة طويلة تزوجت خلالها ثم فكرت في العمل في التلفزيون فذهبت للأستاذ علي شمو، وكان وزير الشباب والرياضة في عهد مايو الذي أخذني من يدي إلى مدير التلفزيون وكان وقتها أحمد الزين صغيرون،وقال له: (دي بتي أنا عايزها تبقى مذيعة) والحمدلله نجحت في المعاينات.
هل تزامن ولوجك للإذاعة مع بداياتك التلفزيونية أم أنها خطوة جاءت فيما بعد؟
بعد أن تم قبولي كمتدربة في التلفزيون كنت أزور الإذاعة بين الفينة والأخرى لألتقي بالفطاحلة علم الدين حامد وسكينة عربي وسعاد أبو عاقلة وانبهرت بليلى المغربي واستهوتني الإذاعة أكثر من التلفزيون وطلبت منهم أن أعمل معهم في الإذاعة، كان هذا قبل ظهوري على شاشة التلفزيون وفعلاً اتجهت إلى الإذاعة وأخضعت لفترة تدريبية جديدة لمدة عام كامل على يد كبار الإعلاميين أمثال: محمد صالح فهمي،يس معني وكمال محمد الطيب وصالحين.
من أخذ بيد يسرية محمد الحسن وهي تتلمس طريقها في المجال الإعلامي؟
الأستاذ معاوية حسن فضل المولى، هو من رعاني إعلامياً، حيث بدأت كمذيعة ربط وشيئاً فشيئاً أتيحت لي الفرصة لتقديم أخبار العاشرة والثانية عشرة وقراءة الأخبار بمشاركة أحد كبار المذيعين لمدة عامين ،بعدها سمحوا لي بتقديم نشرات الأخبار الرئيسة والمشاركة في تقديم البرامج الثقافية والسهرات،انتقلت بعدها لإذاعة صوت الأمة السودانية كان على رأسها الأستاذ محمود أبو العزائم قدمت عبرها سهرة (سجى الليل).
ماقصة القرار الوزاري الذي أبكى يسرية محمد الحسن وأعادها إلى شاشة التلفزيون القومي في تلك الفترة رغم عشقها لميكرفون الإذاعة؟
ضاحكة.. فعلاً لعشقنا للإذاعة لم نكن نزور التلفزيون، وفي يوم من الأيام طلب منا الأستاذ محمود أبو العزائم مدير الإذاعة وقتها في اجتماع عاجل أنا وزملائي فتحية إبراهيم ونايلة العمرابي وفاطمة الصادق ونجاة كبيدة ومجموعة كبيرة من المذيعين والمذيعات أخبرنا أنه التقى بوزير الإعلام،كان وقتها إسماعيل الحاج موسى،الذي طلب أن نتوجه صوب التلفزيون قلنا له بصوت واحد (هو بعرفنا من وين نحن مابنعرفه؟) فرد علينا أبو العزائم إن الوزير قال له (أنا بسمع أصوات جميلة في الإذاعة وأنا في التلفزيون عندي نقص فياريت يجوا التلفزيون وبما أن أصواتهن جميلة فبالتأكيد أشكالهن ستكون مقبولة) وختم أبوالعزائم حديثه قائلاً:ده قرار وزاري واجب التنفيذ، فانفجرنا جميعنا في البكاء فقال لنا أبوالعزائم لن ننقلكم إلى التلفزيون بصورة ثابتة ستعملن فقط كمتعاونات وقد كان.
إذاً كانت تلك هي الانطلاقة الفعلية لك تلفزيونياً؟
كانت البداية عبر (جريدة المساء) ثم الأخبار الرئيسة بمشاركة الأساتذة حمدي بدر الدين وعوض إبراهيم عوض والفاتح الصباغ.
كيف كانت الأوضاع داخل الحوش في ذلك الوقت؟
كانت الأجور ضعيفة جداً ولايوجد ترحيل كنا نستغل المواصلات العامة على عكس الأوضاع الموجودة اليوم.
ماهو الفرق بين مذيع اليوم والأمس برأي يسرية محمد الحسن؟
️في عهدنا كان يتم إنتاج المذيع الشامل على يد فطاحلة الإعلام، حيث كان يتم تدريب المذيعين في كل قسم لمدة ستة أشهر، ليكونوا ملمين بالجانب الإخباري والثقافي والمنوعات ليصبح المذيع مؤهلاً لإدارة أي نوع من الحوارات وتحرير الأخبار عند غياب المحررين،فمذيعو هذه الأيام لم تتوفر لهم الفرص التي وجدناها نحن قدامى المذيعين في وجود كبار الإعلاميين يساعدوننا ويمدون لنا يد العون، لكن في المقابل انتشرت بشكل كبير مؤخرًا مراكز التدريب الإعلامي وعلى المذيع السعي لتطوير نفسه حتى ينافس.
هل تريدين القول بأن مذيعي اليوم يفتقدون للكثير على عكس جيلكم؟
غالبيتهم يحتاجون إلى تدريب مكثف وأنا لا ألومهم، بل ألوم المسؤولين لعدم إخضاعهم للتدريب،وأعتقد أن من يأتون من الإذاعة الأم مؤهلون لتشربهم بخبرات الأجيال القديمة في طريقة اللبس والتقديم واللغة،وهناك إشراقات كثيرة في بعض الفضائيات.
يبدو أن لديك مأخذ على طريقة لبس المذيعات؟
️(اللبس البلبسوه ده مالبس تلفزيون دي بهرجة زيادة على اللزوم)الأزياء المزركشة والمكياج الصارخ لاتتناسب مع البرنامج الذي يقدم، يمكنهم ارتداء هذه النوعية من الثياب في السهرات مثلاً لكن ارتداؤها حتى في البرامج العادية ونشرات الأخبار يشتت ذهن المشاهد..لماذا لا يرتدين ثياب (التوتل) وهي غاية في الجمال والروعة وتليق بالمادة المقدمة.
صحيفة الصيحة