منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
حوارات

النور الجيلاني يكشف عن طبيعة مرضه الذي ابعده عن الغناء

التقاه : سراج النعيم

كشف الفنان الجماهيري النور الجيلاني التفاصيل الكاملة لمعاناته مع المرض العضال من خلال الحوار الذي أجريته معه، فإلى مضابط الحوار.
بادئ ذي بدء متى بدأ معك المرض؟ بدأت أحس به قبل تصويت الإخوة الجنوبيين لصالح الانفصال، واستقلالهم بدولة جنوب السودان منذ تلك اللحظات كنت أشعر بتأثر في حنجرتي إلى أن طلب مني أهلي، عشيرتي وجماهيري أن أشد الرحال إلى (القاهرة) لتلقي العلاج، فاستجبت لهم، وسافرت إلى قاهرة المعز، وبعد الفحوصات الطبية قرر الأطباء إجراء عملية جراحية لاستئصال المرض نهائياً، وبعد إجراء العملية خرجت من المستشفى، ولم أعد لها إلا بعد (7) أيام، وقابلت من خلالها الأطباء الذين أكدوا أن هنالك مرضاً عضالاً في الحنجرة ما حدا بهم أن يقرروا إجراء عملية جراحية أخرى.
وماذا حدث بعد ذلك؟
عدت من القاهرة إلى الخرطوم، وقابلت طبيباً سودانياً، فأكد أن المرض لم يتم استئصاله كلياً، وأن هنالك جزءاً متبقياً من المرض في الحنجرة الأمر الذي قادني للعودة مرة أخري إلى القاهرة، وقابلت فيها الأطباء الذين أجروا لي الفحوصات، فيما جاءت نتيجة تشخيص الطبيب السوداني بالخرطوم صحيحة ما حدا بهم إجراء عملية جراحية ثانية في الحنجرة، فشعرت بعدها بتحسن كبير في حالتي الصحية والحمد لله.
وماذا؟
عدت من القاهرة إلى الخرطوم، فأصر أهلي، عشيرتي وجمهوري أن أسافر إلى تايلاند على أساس تقدمها وتطورها في الحقل الطبي، وكان هدفهم من وراء ذلك المزيد من الفحوصات والتشخيصات الطبية للاطمئنان أكثر على حالتي الصحية، وبالفعل لبيت رغبتهم، وسافرت إلى هناك، وقابلت أطباء في مستشفي تايلندي فخيم، ولاحظت أن مرضاه من الأثرياء الذين يأتون له من أقاصي الدنيا، المهم أن الأطباء بعد الفحوصات والتشخيصات قرروا إجراء عملية جراحية في نفس مكان الإصابة بالمرض، وكان أن أجريت لي ثم خرجت من المستشفي إلى الفندق إلا أنني تعبت فيه تعباً شديداً، فتم إسعافي إلى المستشفي مرة أخري، فقرر فيه نفس الأطباء إجراء عملية جراحية أخري تبلغ تكلفتها وقتئذ (6) ألف دولار، وبما أنها لم تكن بحوزتي اضطررت إلى أن أهاتف أسرتي في الخرطوم طالباً منهم بيع قطعة أرض خاصة بي حتى أتمكن من إجراء العملية الجراحية، وعندما علم السيد جمال الوالي رئيس نادي المريخ بذلك أرسل مبلغ العملية الجراحية مشكوراً.
هل أجريت العملية الجراحية؟
لا لأنني في فترة إنتظار إرسال المبلغ جاء الي سودانياً مقيماً في (تايلاند)، وقال : (يا أستاذ النور دعني أنقلك من المستشفي الذي أجري لك العملية الجراحية إلى مستشفي اخر)، وقرر إجراء عملية، فلم أرفض فكرته باعتبار أنه مقيماً هناك، وأدري مني بالمستشفي الأفضل، وكان أن ذهبت معه إلى المستشفي التي أشار إليها، فكانت المفاجأة المذهلة وغير المتوقعة، فالأطباء في ذلك المستشفى، وبعد الفحوصات، وتشخيص الحالة أكدوا تأكيداً جازماً بأنني لا احتاج إلى تدخل جراحي، كما زعم المستشفي الذي أجري لي العملية الجراحية، وعلى خلفية ذلك منحني الأطباء بالمستشفي الجديد بعضاً من العلاجات بعيداً عن التدخل الجراحي، وتأكد أن العملية التي أجراها المستشفي السابق أثرت في شخصي تأثيراً بالغاً.
ما هو آخر نص غنائي وضعت له الألحان؟
عمل بعنوان (كلو إلا الانفصال) الذي ألف قبل انفصال جنوب السودان عن شماله بالاستفتاء الذي اجري للإخوة الجنوبيين، وفي ذلك الوقت زارتني فرقة عقد الجلاد متحمسة لأن نعمل حراك وسط الفنانين والناس لتشجيع إخوتنا الجنوبيين على عدم التصويت لصالح الانفصال، وعندما جاءوا لي كنت أحس ببدايات المرض، ولم أكن أدري أن صوتي قد يذهب جراء ذلك المرض.
أين النص الذي لحنته لتدارك انفصال الجنوب عن الشمال؟
رشح لي عدد من الشخصيات فنانا شابا لكي يؤدي الأغنية إلا أنه لم يأت.
متى كانت بداية النور فنياً؟
كانت من خلال مهرجان الثقافة الثاني.
ما هي أول أغنية لحنتها؟
أغنية (مدلينا) التي صاغ كلماتها الشاعر أحمد سعد دياب الذي كنت أحتفظ بديوان شعره الذي ألفه، والذي لحنت منه عدداً من الأغنيات، وعندما تعاملت مع نصوصه لم أكن التقيه لذلك اجتهدت اجتهاداً شديداً للبحث عنه حتى أأخذ رأيه في النصوص التى لحنتها له، ومن ثم موافقته على أن أرددها، وعرفت أنه معلماً في مدرسة، فذهبت إليه، فلم أجده، ما اضطرني إلى المشاركة في المهرجان بالأغنية التي أحرزت المرتبة الأولي في مهرجان الثقافة الثاني، واستلمت مبلغاً مالياً سلمته إلى احدهم ليسلمه بدوره للشاعر أحمد سعد دياب، ووقتها كنت منتدباً من مصلحة البريد والبرق للاتحاد الاشتراكي الذي جاءني فيه الشاعر أحمد سعد دياب إلا أنه لم يجدني، فثار ثورته هناك، وعندما تم إخطاري لم أصدق ذلك، فطلبت من أحد الشعراء أن يسأله إذا كان غير راض عن ترديدي لنصه الغنائي، وحينما سأله أكد أنه غير راض، فصدمت لأنني وقتها كنت قد لحنت له عدداً كبيراً من النصوص الغنائية التي توقفت عنها بسبب ذلك الموقف الذي جاء من واقع أنني لم استأذنه.
ما هي الأعمال الغنائية التي وجدت نفسك فيها ؟
كثيرة ابتداء من أغنية (مدلينا)، (كدراوية)، (فيفان)، (جوبا) و(خواطر فيل) وغيرها من الأغاني الخالدة في وجدان الجمهور.
كيف تنظر لترديد بعض الفنانين الشباب لأغانيك؟
أكون سيعد جداً كلما استمعت لمطرب شاب يصدح بأحدي أغنياتي، ومصدر سعادتي نابع من أن أي فنان في بداياته يقلد من سبقوه في الحركة الفنية، لذلك تجدني لا اعترض على أي مطرب شاب يغني من أغنياتي، وإذا لاحظت أنه جاداً في مسيرته الفنية أقف معه، وادعمه معنوياً، وأضع له الألحان الجديدة من أجل تواصل واستمرارية الأجيال، والتواصل في حد ذاته يندرج في إطار سنة الحياة، فتذهب أجيال، وتأتي أجيال آخرى، وتستلم الراية من بعدنا لإيصال هذه الرسالة السامية الموجهة للمجتمع على أن يمضوا بها في شكلها الصحيح، الشكل الذي خطه لها الرعيل الأول، ومن تلاهم من فنانين وضعوا بصمتهم ثم رحلوا تاركين خلفهم إرثاً ثميناً من الأغاني، فهم كانوا حادبين على الفن السوداني بفهم مضينا نحن في ظله، وعليه يجب أن نشجع الفنانين الشباب على إختيار الكلمات الجادة حتى لا ينجرفون إلى الكلمات (الركيكة) خاصة وأننا سبقناهم في التجربة.
من هو الفنان الشاب الذي لفت نظرك؟
كثر هم الفنانون الشباب الذين أري أنهم جادين في طرح أنفسهم بالصورة المثلى.
ما هو سر ارتباط النور بالفنان الراحل خضر بشير؟
علاقتي به أنه كان بالنسبة لي الأب الروحي فنياً، بالإضافة إلى انني نشأت وترعرعت في شمبات، وهناك وجدته أمامي فناناً كبيراً أحببته جداً، وتوافق حبي له مع موهبة صوتي الذي استطعت به أن أصل إلى الجماهير التي غنيت لها أغاني الراحل بإعجاب شديد، ومع هذا وذاك كنت متأثراً به غاية التأثر، ما جعلني أصور حالته الغنائية في كل أغنياته التي رددتها في بدايتي الفنية، وكان الراحل خضر بشير راض عن أدائي لأغانيه تمام الرضا إلى أن رافقته في رحلة فنية إلى جنوب السودان، وقضينا فيها أياماً جميلة مازالت عالقة في المخيلة، ولم يفرق بيني بينه إلا الموت، فالارتباط لم يكن فنياً فقط بل أسرياً. متى كانت انطلاقة؟
في سبعينيات القرن الماضي، وذلك من خلال مهرجان الثقافة الثاني.
ماذا عن ارتباط النور جغرافياً بمنطقتي شمبات والكدرو؟ الإنسان ابن بيئته في المقام الأول والأخير يرتبط ببيئته جغرافياً ووجدانياً، ويبدأ في التأثر بها، وبالتالي كانت منطقتي شمبات والكدرو لهما الأثر الأكبر في رسم خارطة طريق النور الجيلاني فنياً وثقافياً، لذلك ظللت متمسكاً بحبهما والإقامة فيهما.
هل للتصوف بشمبات أثراً في أغاني النور؟
نعم، فنشأتي في مدينة شمبات لعبت دوراً كبيراً في الأثر الصوفي الذي تلحظه في الأغنيات التى صدحت بها، فالمدينة مدينة تصوف وفن، وفيها وجدت السند القوي الذي استطعت به تحقيق ما أصبو إليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى