ماوراء الجدار عبدالعزيز حسن محمد بدوي آفة الاتفاقيات عدم تنفيذها
مر السودان بأزمات متعددة بدأت قبيل الاستقلال واستمرت حتى هذه اللحظة ،هذه الازمات اخذت اشكالاً متعددة توجت معظمها باتفاقيات بين أطرافها لكن سرعان ما تتحول الاتفاقية إلى أزمة جديدة تولد بدورها أزمة أكثر تعقيداً وهكذا صارت كل الاتفاقيات تحمل بذرة فنائها إلى يومنا هذا، وفي كل الاتفاقيات نجد ان آفتها تكمن في عدم تنفيذها مع وجود عوامل اخرى تساعد في ذلك مثل ضعف النصوص المتعلقة بآليات التنفيذ،فمعظم الحركات المسلحة والاجسام السياسية الاخرى التي توقع الاتفاقيات مع الحكومات المتعاقبة توقعها وهي في موقع ضعف وبالتالي لم تستطع ان تضع آليات ضغط تجبر بها الحكومات على التنفيذ،وبما أن معظم الحكومات المتعاقبة تشترك في صفة عدم تنفيذ الاتفاقيات فهذا يعني انها تنطلق من ارضية مشتركة بغض النظر عن توجهاتها الايدلوجية المعلنة، والمؤسف أن الأطراف الاخرى ليست منتبهة لهذا المخطط فلم تتعظ بعضها من تجربة بعض، بل ظلت جميعها تلدغ من ذات الجحر والادهى والأمر أن معظمها لدغت من جحر واحد أكثر من مرة ،وعليه فإن الأمر أخطر مما يتخيله الكثيرين ،فاتفاقية جوبا على سبيل المثال تعتبر من اقوى الاتفاقيات من حيث شموليتها للقضايا ولكنها لم تضع لنفسها وقاية من آفة عدم التنفيذ فلدغت من ذات الجحر الذي لدغت منها ابوجا ،الدوحة والقاهرة ….الخ ،حيث نجد ان الترتيبات الأمنية مثلاً لم تنفذ حتى الآن وحتى القوة التي تم تدريبها في الفاشر لتُشكل منها قوة مشتركة لحفظ الأمن لم تَجِدْ الحكومة في توزيعها وقد ذكر احد قادة الحركات المسلحة ان قواتهم المدربة جاهزة ولكن الحكومة لم تأت بقواتها فظلت القوة متمركزة في الفاشر رغم تخرجها،وكل الملفات بهذه الصورة بل بعض ملفات الاتفاقية لم يُشرع في تنفيذها حتى الآن، وبالتالي آن الأوان لان يعي الجميع بأنه لايمكن تكرار ذات التجربة وبذات الأدوات والحصول على نتائج مختلفة ،واقصد هنا أن الجميع ينبغي أن يفكر في تغيير أدوات التعامل حتى نصل إلى نتائج افضل.