صراع الذاتية … حوار واستجابة -بقلم : ماجد حامد
.
نخوض بعض الأوقات في أحاديث مع أنفسنا ليس لأننا إنطوائيون ، ولكن نستجيب لذاتنا لأنها بحاجة للقضاء معنا بضع سويعات من يومنا لكي نرتب ما يدور في حياتنا وإعادة النظر لكل ما هو مصدر قلق وهموم ، ليس الحديث مع النفس أمرا يقوم به من هو مختل العقل أو مصابي الأكتئاب بصفة عامة ليس أمرا سلبيا كما يعتقد بعض الأشخاص ، يعد التحدث مع النفس من الجوانب التى يتمكن بها الأشخاص لسماع صوتهم الداخلي ، أيضا هي من الأمور التي ينصح بها علماء النفس لأنها الوسيلة الأمثل لزيادة السلوكيات الإيجابية والشعور بالرضا معظم الأوقات والتخلص من التوتر ، وزيادة القدرة في التكيف مع الصعوبات والحصول على الحلول المنطقية تتماشى مع المعايير التى تكون ملائمة مع قدراتنا الداخلية للتأقلم والتكيف مع كل الحلول التى تقترحها أصواتنا الداخلية ، تشير العديد من نظريات علم النفس إلى أن امتلاك نظرة إيجابية للذات قد يمكّن الأفراد من التعامل بطريقة أكثر مثالية مع المواقف العصيبة، الأمر الذي يُقلل بدوره من الآثار الصحية الضارة للضغط على الجسم .
من المرجح أيضا أن الأشخاص القادرون على التفكير بطرق إيجابية قد يستطيعون عيش نمط صحى عكس الأشخاص السلبيين .
وهناك آليات للتحدث مع النفس بطرق إيجابية منها : تعويد النفس ترديد عبارات محفزة مع تكرارها مرارا وتكرارا مثلا :
” يمكنني مواجهة كل الصعاب” أو ” أنا قوي ويمكنني القيام بكل شيئ ممكن” .
يقول إسلام جمال في كتابه : ( فاتتني صلاة)
” أنت افكارك شئت أم أبيت فإن الحوار الذي يدور ما بداخلك هو من يسير حياتك فما أنت إلا مجموعة من الأفكار وما فعله في حياتك كل يوم ما هو إلا تنفيذ للأفكار التي تسيطر على عقلك وإذا أردت أن تحسن أي جانب من جوانب حياتك فلابد أن تحسن أفكارك تجاه هذا الجانب، وهناك مبدأ نفسي يقول أيا كان اعتقادك بأنك سوف تنجح في أمر ما أو لن تنجح فيه فأنت على صواب في الحالتين فأنت لاتستطيع أن تنجح في أي أمر إلا إذا اعتقدت أولا إنك تستطيع أن تنجح فيه ”
سئل الملا٠كم المشهور محمد علي كلاي في إحدى لقائاته الصحفية عن سر نجاحه قال : إنه كان يررد مع نفسه ويقول ” أنا الأعظم ” والتي غيرها بعد أن أعلن إسلامه إلى ” الله الأعظم ” وهذا يعتبر مثال أعظم يعرفه الجميع ولايمكن لأحد أن ينكر إلى أي مدى كان هذا الملاكم شرسا لأن إيمانه بنفسه كان كبيرا وحديثه مع نفسه دليل على إيجابيته مع نفسه والإيمان بقدراته أيضا .
بعد التعرف على فوائد التحدث مع النفس ننوه أنه تكمن مشكلة الحديث السلبي مع النفس في عدم عكسه للواقع، وبالتالي يمكن أن يقنع الشخص نفسه أنه سيء، ولا يمكنه التقدم أو التفوق في أي مجال، الأمر الذي قد يشعره بالاكتئاب، وانعدام الثقة، والكسل، والتقاعس عن العمل ، وقد يزيد التحدث السلبي مع النفس في نقد الذات المفرط، ومهاجمة النفس الأمر الذي يتطلب في كثير من الأحيان إلى علاج نفسي للخروج من هذه الحالة .
في دراسة جديدة ، اكتشف الباحثون أنه عندما يشير الناس إلى أنفسهم بأسمائهم الخاصة أو بضمير الشخص الثالث (هو)؛ فإن ذلك يساعدهم على اكتساب مسافة نفسية من الحديث السلبي عن النفس، بما يكفي لتعزيز سيطرتهم العاطفية بشكل كبير على ما يمرّون به.. على وجه التحديد وجد الباحثون، “أن المشاركين تعرضوا لضيق أقل عندما قاموا بتحليل مشاعرهم تجاه الأحداث باستخدام أسمائهم في الحديث مع أنفسهم، بدلاً من الضمير (أنا)”، كما وجدوا “أن هذه الحيلة لا تستهلك الكثير من الطاقة العقلية أو الوقت، على عكس التأمل مثلاً، حيث أن التأمل العميق يحتاج إلى الطاقة والوقت أكثر، كما يمكن أن يساعد التحدث إلى الذات في تحسين ثقتك بنفسك ، و يمكن أن يتم ذلك من خلال التعامل مع ناقدك الداخلي ، وأيضا لا تحكم حتى تجرب بمعنى لاتحكم على نفسك أنها ليست قادرة للقيام بشيئ ما وانت لم تحاول في القيام به أساسا .
يقول أستاذ السيكولوجيا في جامعة ميتشغان الأمريكية إيثان كروس :
” ننخرط جميعاً في الحديث مع أنفسنا بضمير المخاطب، عندما نحتاج القليل من تعزيز النفس”، كما اكتشف كروس في واحدة من تجاربه التي تحدث فيها المشاركون مع أنفسهم بشكل ذاتي أو كتابة على الورق؛ بأن تأثير الحديث عن النفس ومعها (بصيغة الشخص الثالث أو المخاطب)، له تأثير إيجابي تلقائي، وفي استراتيجيات التنظيم العاطفي.. يقول كروس: “قد يكون الحديث عن النفس بضمير المخاطب أسهل بالنسبة للأشخاص، لأن التكاليف ضئيلة والنتيجة المحتملة قيّمة جداً”، حيث تخلق مسافة نفسية مع المشكلة العاطفية أو الموقف العصبي الذي تكون تحت ضغطه، كما أن الحديث مع النفس يمكنّك من اتخاذ القرارات المهمة بصورة موضوعية !
الطريقة التي تتحدث بها مع نفسك يمكن أن تحدث فرقاً هائلاً في نوعية حياتك، وإذا كنت تلوم نفسك دائماً على الطريقة التي تتعامل بها مع الأشياء أو الأشخاص؛ ستشعر بأنك لا تستحق الكثير، ومن الصعب عليك الاستمتاع بالحياة، لكن الخبر السار هو أنه يمكنك تحويل الحديث السلبي عن نفسك إلى حديث إيجابي.
فإذا رأيت أحدهم يخوض في حديث مع نفسه يا صديقي ، دعه يكمل ما تبقى و لاتقاطعه أبدا ، لأنه ذلك أفضل له من الحديث معك أحيانا.
كتبه: ماجد حامد من إرتريا.