منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
مقالات

صلاح شكوكو يكتب _ ▪️هل سقط الإعلامي القدير علم الدين حامد من ذاكرة الأمة

لست من المتشككين في سعة خيالك سيدي الوزير .. ولست من الذين يتخيلون أنك يمكن أن تمارس الإقصاء لأنك جئت محمولا على دندنات مموسقة والحان شجية وعصف ثقافي رنان ، لتزدهي بك الوزارة التي إستوزرت برجل تباهي به نفسها ، لترسم لنا إبداعا خلاقا أوجد حراكا في ساحات الركود ، وأنت كما الفنان ترسم لوحة بديعو تعيد للمدن القديمة شبابها في شتى مناحي الثقافة ، تحرك بحراكك جمود السكون الكامن في دواخل الناس ، لتثبت أن للإبداع كلمة تتأتى محمولة على كنف النقاء ، وأنت المدرك للحاجات الوجدانية للأمة وما يعينها على الإستمرار رغم المغالبات والضنك والصخب وكثير من الإحتجاجات حولنا .. لتعيد توازن الأمور وتندن إيقاع حياتنا .

لست كذلك من المؤمنين بنظرية المؤامرة لأنك رجل مملوء بنبل الخصال وحسن الوصال وروعة الدواخل .. كما أنني أدرك أنك كوزير قد إنصرف همك للنتائج والغايات الكبرى وتركت للآخرين شأن التفاصيل بإعتبارهم أهل مكة وأهل مكة أدرى بشعابها .. لكن معاونيك حمّلتهم وزر التتبع والتنسيق والإحتواء ، لكنهم حملوك وزر النتائج من حيث يدركون ولا يستدركون ، ويعلمون ولا يعلمون ، فعلم الدين حامد سيدي الوزير هو رجل إعلامي من قبيلة الإذاعيين المتميزين ، صاغ مع الكثيرين وجدان هذه الأمة من خلال صوته الرنان ومادته القوية ، عبر إذاعة أم درمان وهو يقدم برنامجه الأشهر ( صالة العرض ) هذه الصالة الرحبة التي قدمت أفذاذ الغناء والشعراء الذي الذين إستوعبتهم هذه الليالي الأمدرمانية التي تجاوزته ، فتجاوزت معه كل قيم التكريم والوفاء لقامة وهامة ما كان لها أن تجد التخطي .

اجتاز الرجل امتحان الصوت واللغة العربية الذى جلس له عند بوابة الولوج للإذاعة السوداني في أوان إتسم بجودة الأداء والنقاء ، فكان قارئاً لنشرات الأخبار ومعداً ومقدماً لعدد من البرامج واشتهر أكثر ما اشتهر بتقديمه وإعداده لبرنامج (صالة العرض) مع برامج أخرى متعددة .

كما قدم برنامج رحلة الى الفضاء وهو برنامج علمي كان يعنى بتثقيف المستمعين فى عوالم الفضاء ، كما كان له الفضل في إعداد وتقديم برنامج (مع الناس) وهو أول برنامج جماهيري بجانب برنامج (المايكروفون المتنقل) .

قدم كذلك عددا من البرامج الأخرى خلال مسيرته الإذاعية وهى (ضيف على الهواء) و(نادي الأصدقاء) و(من التلفزيون الى المايكروفون) و(هموم مواطن) .. واشترك مع ذو نون بشرى وعبدالرحمن أحمد محمد صالح فى إعداد وتقديم برنامج (صفحات مسموعة) .

فالرجل سيدي الوزير .. عمل بالاذاعة السودانية لما يقارب النصف قرن وشغل مدير هيئةاذاعة وتلفزيون الخرطوم لاكثر من دورة بجانب اسهامه في تأسيس عدد من الاذاعات الولائية .

الأستاذ الإعلامي المخضرم علم الدين حامد إذاعي من جيل الإعلاميين الذين وضعوا بصماتهم وأصواتهم في دهاليز الذاكرة السودانية ، فقد كان برنامجه الأشهر ( صالة العرض ) من اروع البرامج والذي تمددت نحو ثلاثة عقود منذ العام 1970 وحتى العام 2002 ، والذي لم يتوقف إلا عند سفره لأداء شعيرة الحج .

قدم خلاله للناس أشهر الشعراء والفنانين والذين عطروا الساحة كما بينهم بعض الذين شاركوا في هذه الفعاليات الغنائية التي ضمتها ليالي أم درمان ، منهم على سبيل الذكر لا الحصر ( محمد ميرغني – ثنائي العاصمة – علي إبراهيم – مجذوب أونسة – إبراهيم خوجلي – محمود علي الحاج – صلاح مصطفى – عابده الشيخ – سميره دنيا – العطبراوي – خوجلي عثمان – مصطفى سيد أحمد ) ثم الشعراء ( شادول – عمر محمود خالد – مختار فع الله ) وأخريم كثر لا يسع المجال لذكرهم .

سيدي الوزير ..
لقد تعجبت أن يتخطى التكريم فارسا كانت له صولات وجولات في ردهات الإذاعة السودانية ، يصوغ من خلالها مدارك شعب متقد ويقدم عطاءا كان يستوجب التوثيق والشكر الجزيل .. وما كنت أظن أن الإدراك الواعي سيتجاهله .

بل يعد الرجل أول مؤسس لإذاعة دنقلا في العام 1976م .. كما أسهم في تأهيل تلفزيون دنقلا 2004م وتقلد منصب مدير التنفيذ بالإذاعة السودانية عام 1961م حتى وصل الى منصب كبير المذيعين في العام 1978م، كذلك شغل منصب مدير تلفزيون الخرطوم لثلاث مرات أولها في العام 1992 ثم العام 1998م وأخيرا في العام 2000م، ليكون مديراً للإذاعات الولايات.. حتى تمت إحالته للمعاش 2002م ومازال يمدد حبال الوصل بين الإذاعة السودانية ومدن الشمال البعيدة المتناثرة عبر محطات للربط عير (F.M. ) .

كرمته جامعة دنقلا بالولاية الشمالية بمنحه درجة الدكتوراه الفخرية وذلك على شرف اجتماع مجلس امناء الجامعة .

سيدي الوزير .. بعد هذه المسيرة الحافلة والصورة المشرقة واللوحة الرائعة ، ألا يستحق العلم ( علم الدين ) أن يُكرم في كل محافل بلادنا ؟؟ وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : ( لا يشكر الله ، من لا يشكر الناس ) .

إنني أتوجه اليك سيدي الوزير برسالتي هذه ومدرك تماما ، أن التخطى كان من باب السهو والسهو يُجبر ، لكنه لا يُبطل العمل .. لكنني أدعو الى تأسيس جديد بأن نبوب المبدعين حسب مجالاتهم ونعد لحصرهم حتى لا تتسرب من بين أيدينا أسماء مشرقة قد يصيبها التخطي بنوع من الأسى .. وحينها يكون يكون الجبر رتقا لقلوب ولا يعلم ما في القلوب إلا علام الغيوب .

فهلا شددت على يده شاكرا سيدي الوزير .

والسلام عليكم ورحة الله تعالى وبركاته

صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو)
إعلامي
.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى