المجتمع

مسارب الضي | د. محمد تبيدي- حين يُهان المعلّم داخل الفصل… سقوط القيم قبل سقوط الهيبة

وعلى حد قولي:
إذا انكسر المعلم انكسرت سبورة القيم
وضاع الحرف بين ضحكة عابرة وفيديو لئيم
هيبة #التعليم لا تُصوَّر بهاتف
ولا تُستعاد إلا بعقلٍ مستقيم

ما جرى في ذلك الفيديو المتداول ليس مجرد تصرّف طائش من طالب مراهق، بل هو مشهد فاضح لانحدار قيمي خطير، يضرب في صميم العملية التعليمية، ويكشف حجم الفوضى الأخلاقية التي تسللت إلى الفصول الدراسية. طالب يرقص ويسخر من أستاذه داخل الفصل، يصوّر المشهد بلا خجل، وينشره بلا خوف، وكأنّ الإساءة صارت بطولة، وقلة الأدب مادة للتفاخر.
المؤلم في المشهد ليس الاستهزاء وحده، بل صمت المكان، وصمت الضمير، ووجود الهاتف داخل الفصل لا كوسيلة معرفة، بل كسلاح إهانة. هنا تتحول التقنية من أداة تعليم إلى منصة تحقير، ويغيب الوازع الأخلاقي، ويُداس الاحترام تحت أقدام العبث.
ذلك الأستاذ، الكبير في السن، لم يكن مجرد شخص يقف أمام سبورة، بل هو عمرٌ أفناه في التعليم، وسنوات قضاها في بناء العقول، وصبرٌ طويل على أجيال متعاقبة. أن يُقابل هذا التاريخ بالسخرية، وأن يُكسر مقام المعلّم بهذه الطريقة، فذلك إعلان فشل جماعي، لا ذنب #الطالب فيه وحده.
#المدرسة هنا تتحمّل مسؤولية، والأسرة تتحمّل مسؤولية، والمجتمع بأكمله شريك في الجريمة بالصمت والتطبيع. حين يغيب الردع، ويُترك الفعل بلا محاسبة، يتحول الاستثناء إلى قاعدة، ويتجرأ غيره، وتُستباح هيبة المعلّم داخل الفصل وخارجه.
لا حديث عن إصلاح تعليم، ولا عن نهضة، ولا عن وعي، في مجتمع يُهان فيه المعلّم ولا يُنصف. المعلّم ليس موظفاً عادياً، بل رمز، وإذا سقط الرمز سقطت معه القيم، وتحوّل الفصل إلى مسرح عبث، لا مكان فيه للعلم ولا للتربية.
استدعاء الذاكرة هنا ليس حنيناً، بل مقارنة موجعة. نتذكر أساتذة من طراز #دكتور عبدالرحيم #باسان عميد #معهد_التربية #بخت_الرضا حامد عبدالله شعبة العلوم معهد التربية بخت الرضا والأستاذ إبراهيم قرقوش شعبة الجغرافيا بخت الرضا ولا يفوتني ذكر الأستاذ عاطف علي يوسف والأستاذ محمد عثمان الجاك والأستاذ روحية والأستاذة صديقة والأستاذة آمنة وكثيرين يطيب بهم الذكر، المعلم هو النقابي والإداري والرياضي، الذين كنا نهاب صوتهم ودبيب مشيتهم، لا خوفاً، بل احتراماً. كانت هيبة المعلّم تُبنى بالانضباط، وتُحفظ بالقيم، لا بالعقاب وحده.
ما فعله ذلك الطالب فعل دنيء، يستوجب المحاسبة الصارمة، لا انتقاماً، بل حماية لما تبقى من قدسية التعليم. فالتهاون في هذه القضية يعني القبول بانهيار ما تبقى من احترام، ويعني أننا نُسلّم أجيالنا القادمة لفراغ أخلاقي مخيف.
هيبة المعلّم ليست ترفاً، بل ضرورة. ومن لا يحترم من علّمه الحرف، لن يحترم وطناً، ولا قانوناً، ولا قيمة.

وأنا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى