
الذين خرجوا في تظاهرات باسم الثورة التي دمّرت الوطن، ومكّنت لأطماع الإمارات في السودان، ليسوا سذّجاً ولا مغفّلين. هم يعرفون تماماً ما يفعلون، ويميزون بين الصواب والخطأ، لكنهم لا يشعرون بالذنب، ولا يتأثرون أخلاقياً بأفعالهم. هذا هو جوهر السايكوباتية السياسية.
هم الذين هتفوا: «أي كوز ندوسو دوس ما بنخاف مابنخاف»، ثم تركوا الوطن والأعراض لذلك “الكوز” الذي لبّى نداء ربه ونداء الوطن، واستنفر، وحمل السلاح دفاعاً عن الأرض والعرض، فكان هو ذاته الكوز الذي أذاق شراذم قحت ومليشيا آل دقلو شرّ الهزيمة.
هو الكوز الذي شتموه: «يا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور»، ثم هربوا إلى خارج البلاد، وتركوا دارفور تواجه وحدها الانتهاكات والقتل والاغتصاب، فلم يدافع عنها على الأرض إلا من استنفر، إلا من حمل السلاح، إلا من اتُّهم زوراً بأنه عدو الثورة.
هم الذين هتفوا: «الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية»، مع كامل الاحترام والتقدير لشهداء الثورة الأطهار، ثم فرّوا وتركوا دماء الشهداء تجف على جدران المنازل، بلا حماية، بلا وفاء، بلا موقف.
وهم أنفسهم من قالوا: «معليش ما عندنا جيش»، فإذا بالجيش السوداني اليوم يسطر أروع البطولات، ويكتب تاريخاً ناصع البياض أذهل العالم الذي تربص به وتمنى سقوطه.
هم من هتفوا: «الطلقة ما بتقتل بقتل سكات الزول»، ثم كانوا أول من سكت على الزول، وأول من صمت عن نهب الزول، وانتهاك حرمة الزول، واغتصاب حرائر الزول على يد مليشيا متمردة مأجورة.
وهم من قالوا: «تسقط بس»، ثم تركوها ساقطة بلا أخلاق ولا قيم ولا دولة، وفرّوا.
قطع شك، لم يستنفر معنا أحدٌ منهم، ولم يقاتل واحدٌ منهم دفاعاً عن الأرض والعرض. تركوا الخرطوم لأكثر من عامين تحت احتلال الأوباش مرتزقة الجنجويد، فلما حررها الكيزان بدمائهم، عادوا يبحثون عن موطئ قدم ومسيرة وهتاف، وكأن التاريخ يُكتب باللافتات لا بالتضحيات.
هذه ليست ثورة، هذا سلوك سايكوباثي جماعي: وعي كامل بالفعل، وانعدام كامل للمسؤولية. وطن يُسلَّم، وجيش يُشتم، ثم حين ينتصر الجيش يُصفَّق له من الخارج.
نعل الله قحت ومن عاونها، ونصر الله قواتنا المسلحة الباسلة، وسدّد الله رمي كل من استنفر دفاعاً عن السودان.


