
انا لست صاحب مشروع سياسي..
فخر بأن غايتي الفضلي وكل توجهي مصوب ومهتم بأمر المواطن السوداني..
ألا يصيبه أذى ولا مخمصة وان يكون آمنا في سربه معافى في جسده..
تلك هي مشغوليتي التي لا أعرف غيرها ولا اجد متعة في الدنيا أكثر منها..
هم يحسدونني عليها..
لا يرحمون ولا يريدون رحمة الله علي عباده..
ولا أجد في قلبي نحوهم سوى الشفقة والسؤال الى المولى عز وجل أن يردهم إليه..
كنت وطوال إقامتي بالمسيد اتلقي مئات الرسائل والمراسلات والاتصالات كلها تحمل ذات المعنى والنصيحة والإشفاق:
(يا شيخ الامين امرق.. انفذ بجلدك)..
كان خياري ان اصمد هناك في ذلك الموقف الذي لم اخطط له..كان خياري البقاء مع اخواني الغلابة واليتامى وكل من جلس محتاجا ومحتاره..
قررت البقاء معهم وخدمتهم بالتكية وواصلت درب الاطعام والعلاج والإيواء والدفن..
بعد ان اشتد امر الحرب في منطقة امدرمان القديمة جلست لاسرتي الصغيرة في اجتماع مهم بغرض تخييرهم ما بين البقاء معي أو الخروج مثل بقية خلق الله الذين روعتهم وارهبتهم تلك المناظر والمشاهدات والأخبار المرعبة من انتهاكات وفظائع..
منحت أسرتي الخيار في أمرهم معلنا لهم رضائي التام عنهم لو اختاروا الرحيل.. لكنهم جميعا وبصوت واحد وفي موقف لن أنساه لهم قرروا البقاء ومواصلة العمل فيما أنا فيه..
لم يكونوا قبلها ولا بعدها (تمومة جرتق) بل كانوا معي في كل صغيرة وكبيرة.. يد بيد وادين لهم بالكثير فيما تحقق من نجاحات في خدمة الناس بعد المولي عز وجل..
افلحت القوة الغاشمة في تهجير الكثير من مواطني امدرمان القديمة من بيوتهم، والذين نزحوا إلينا استطعنا ترتيب أوضاعهم وتسهيل إقامتهم في البيوت الفاضية، ليتمدد المسيد جغرافيا وتتوسع مسئوليتنا من بعد الاطعام والعلاج الي الإيواء..
كانت مهامنا التي لم نتدرب عليها تتعاظم هناك لحظة بلحظة وكذلك الاخطار والخطوب..
لن انسى ذلك اليوم الذي داهمتنا فيه التاتشرات بهدف اعتقال أحد المواطنين بسبب انهم يتبعون لاستخبارات الجيش..
يومها وقفنا لهم الف احمر، وقلنا لهم ان هذا الأمر يسيء إلى المسيد، واستطعنا أن ننزع فتيل الأزمة ونمنعهم من اقتياد الرجل بوعد الا يغادر المسكين لمسيد..
لم يكن وحده.. ولو قبضوه لتم القبض علي الاخرين..
اتصالات قيادة الدولة والجيش لم تنقطع عنا طوال مرابطتنا في المسيد..
صحيح انها كانت اتصالات مختصرة علي شاكلة:
(حيتواصل معاك فلان الفلاني من الاستخبارات)!.
(اخدم في خدمتك)!..
(قول لي ناسك يعملوا كدة)!..
لكنها كلها كانت رسائل في اتجاه مغاير لتلك الحملة الجائرة والمدعومة من أصحاب الغرض والمرض!.
ونواصل،،،،
*في الحلقة القادمة نزيح الستار عن أسرار دخول الجيش الى امدرمان القديمة وتحرير الإذاعة!.*
_____________
الأمين عمر الأمين



