مقالات

محمد عبدالقادر يكتب : أدوار الجيش.. وحتمية ” الحراك المدني”

فى الذكرى المئوية لتأسيس الجيش والحادية والسبعين لسودنته، تحية اجلال واكبار لكل منسوبي القوات المسلحة، هذه المؤسسة الوطنية الراسخة والعريقة التى ظلت حفيظة وأمينة على أرض الوطن وعزته وسيادته ، ورسخت فى وجدان السودانيين عبر أدوار وحروب طويلة جعلتها “مأمونة” على حراسة البلد وحريصة على حقوق المواطن اذ ظلت تؤمن حياته وتنحاز دوما لاماله وتطلعاته فى سودان خير وأمن ومستقر ..
قواتنا المسلحة من أكثر الجيوش التى خاضت حروبا فى العالم، منذ تأسيسها فى العام 1925، وبعد سودنتها قبل 71عاما ظل الجيش فى حالة تأهب واستنفار إطفاءا للحرائق التى يقودها الأعداء هنا وهنالك، وبعد فراغه من القتال لمدة خمسين عاما فى الجنوب، وتصديه لمؤامرات اجتياح واسقاط البلاد المتواصلة ، انصرف بعد ذلك للتعامل مع خطر التمرد والمليشيات فى مناطق متفرقة ، كل هذا وذاك مع انحياز دائم لمطالب المواطنين لحظة استدعاء تدخله بفعل الفشل المستمر للنخب السياسية التى وضعت البلاد كثيرا فى مهب الريح لولا الأدوار المتقدمة والمتعاظمة للجيش فى حفظ الأمن وتأمين الثورات الشعبية، وتعزيز الانتقالات السياسية بعد عدة ثورات شهدها السودان.
من باب الاشفاق على القوات المسلحةبفعل ما تعرضت له من استنزاف طويل ، دعوني اسأل متى يرتاح الجيش وينصرف إلى مهامه السيادية فى حفظ الأمن و الدستور والحدود وصون سيادة البلاد، يظل هذا السؤال مطروحا وانفاس القوات المسلحة لم تهدأ بعد من إحباط اكبر مؤامرة على البلاد نفذها تمرد ال دقلو وهو يطلق الرصاصة الأولى فى حرب الخامس عشر من ابريل 2023، وقد نجح الجيش كالعهد به فى دحره وها هو يقترب من انهائه الان .
ومع تقدم القوات المسلحة وأقترابها من حسم التمرد نهائيا واتساع رقعة الأمن ، يطرح كثيرون سؤالا مفاده ” اما ان لهذا الجيش ان يستريح” خاصة بعد أن يكمل رفع الحصار عن الفاشر اخر معاقل الحرب التى يديرها “ال دقلو” لفصل دارفور بأمر الكفيل الاماراتي..
نعم ، ومع اتساع رقعة الأمن والانفتاح الخارجي الذى تشهده علاقات السودان الخارجية ، حيث كان آخر تطوراتها اللقاء الناجح الذى جمع الفريق اول عبدالفتاح البرهان القائد العام لقوات الشعب المسلحة مع مستشار الرئيس الأمريكي بزيورخ قبل أيام..نحتاج للدفع بايقاع الحراك المدني لملء مساحات التناغم مع المجتمع الدولي ، ونتطلع لزيادة “الجرعة المدنية” ، فى حراك الدولة مع تعظيم الأدوار المتقدمة للجيش السوداني فى حماية السيادة، والدستور، لابد من تسريع ايقاع الحكومة المدنية بالقدر الذى يجعل الجيش ينصرف إلى مهامه الحقيقية، فقد استهلكناه ومازلنا نشق عليه فى تصريف كل الامور والتصدي لملفات عديدة ، تحتاج التحديات القادمة لتنشيط الدور المدني المكمل لما أنجزه الجيش، فى ملفات الاعمار والتنمية، وتعزيز الخدمات، وتسهيل معيشة المواطنين.
معارك البناء تحتاج لتنشيط الجانب المدني ، الجيش اوفي بوعده، وسلمنا ما احتلته المليشيا من مدن وقرى ومؤسسات، ومازال يمضي لكنس ما تبقي وفق خطوات محسوبة ستنهي التمرد قريبا فهل سينشط بالتزامن مع ذلك الوجود المدني الفاعل فى إدارة الدولة، نأمل ذلك.. حتى يتفرغ الجيش لادواره الكبيرة ويرتاح قليلا من ملاحقة التفاصيل ..

*📰#صحيفة_الكرامة*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى