مقالات

النور مساعد يكتب : الإمارات تبكي على المرافق… بطائراتها المُسيرة!”

في مشهد عبثي يشبه أن تُشعل النار ثم تُدين الحريق، أصدرت دولة الإمارات بياناً يعبر عن بالغ الأسف لإصابة المرافق المدنية في بورتسودان وكسلا، وهي ذات الدولة التي يُنظر إليها اليوم باعتبارها الممول والمُشغل والمُرشد الروحي لمليشيا الدعم السريع، المتهم الأول في هذه الجريمة.

البيان جاء مصقولاً بلغة إنسانية عالية، كأنه صادر من بعثة أممية لا علاقة لها بما يجري في السودان. إدانة حازمة للهجمات، دعوة إلى وقف إطلاق النار، نداء لحماية المدنيين، حث على احترام القانون الدولي… كل ذلك دون أن يُرفق البيان بأبسط إشارة لمن يقف خلف الطائرات المسيّرة التي أزهقت أرواح الأبرياء ودمرت منشآت حيوية في مناطق يُسيطر عليها الجيش السوداني.

هذا النوع من الخطاب يليق بدول محايدة لم تتلطخ أيديها بالصراع، لا بدولة تحوم فوق رؤوس السودانيين طائراتها المقاتلة وتُفتح من مطاراتها مخازن الموت. وكأننا أمام مسرحية ساخرة، تُكتب الحوارات فيها في أبوظبي، بينما يُسفك الدم في بورتسودان.

الأغرب من ذلك أن البيان يحمل بين سطوره نبرة توبيخية، لا تخلو من تعالٍ أخلاقي، لأطراف النزاع الذين “يسيّسون المساعدات” و”يتجاهلون معاناة الشعب”، دون أن يتجرأ على تسمية من حول المساعدات نفسها إلى أداة هيمنة وسلاح ضغط على الأرض.

وإن دل هذا البيان على شيء، فهو لا يعكس حرصاً حقيقياً على حياة المدنيين أو استقرار السودان، بقدر ما يُظهر قلقاً على سمعة سياسية بدأت تتآكل تحت ضغط الجرائم التي باتت تُربط مباشرة باسم الإمارات. هو بيان أقرب إلى محاولة دبلوماسية لتلميع الوجه، في وقت انكشف فيه الوجه الآخر خلف ستار الطائرات المسيرة.

في النهاية، يمكننا أن نقرأ هذا البيان على طريقة السودانيين حين يقولون ساخرين: “القاتل مشى يعزي!”. فشكراً للإمارات على تضامنها… ونرجو أن توصل رسائلها القادمة عبر البريد، لا عبر الطائرات بدون طيار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى