
كان أولُ لقائي السيد أحمد عثمان حمزة والي الخرطوم ضمن وفد إعلاميين زيارةً لمشروعات الزراعة بغرب أم درمان نَظّمها مركز عنقرة للخدمات الإعلامية ثم ومن بعدُ ببضعةِ أشهرٍ التقيه كرةًأخري علي مائدة عشاء صديقنا جمال عنقرة بمنزله منزلُ السيدة الأولي بحي ودأرو بأمدرمان.
في هذيّن اللقائين تبدّي لي من شخصية الرجلُ إحاطتهُ العليمةُ بأضابيرِ العمل الإداري وهو حينذاك كان مسئولاً تنفيذياً بمحلية أم بدة الكبري وهو أحد أهم الشخصيات الإدارية التي مرت علي هذه المنطقة التي تزدحم بكثافة سكانية ضخمة وتذخر بنشاط اقتصادي متعدد.
السيد أحمد عثمان ظل طوال فترته بمحلية أمبدة يكدحُ بلا إمتراء لربطِ المنطقة بالنشاط الكلي للعاصمة القومية بهمةٍ ناشطة وطاقةٍ لا تهدأ وهو يؤكد بعمله علي دور الإداريين في ترقية المدن بأكثر من الساسة مما أكدته عبقرية الدكتور جعفر محمد علي بخيت في حكاياتنا مايو.
السيد أحمد عثمان تراكمت خبراته بالعمل المُباشر كفاحاً مع المواطنين وعبر إقتراح البرامج الاستيعابية لأنشتطهم وهو يعمل علي تقليص الفارق الإداري والبيروقراطي بما لا يعتسفُ أو يتجاوزُ القوانين واللوائح المُنظمة للعمل في كل المجالات فضلاً عن قُدرته علي إتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب ومراجعةُ ذاتُ القرار إذا ماثبت خطأؤه في وقتٍ لاحق وهو بذا وبغيره من الأعمال ترقي الي سنام ولاية الخرطوم الضاجةُ بالمخاطر والصعوبات بلغت حدها بنشوب حرب الجنجويد ليقدم الرجل أنموذجاً فريداً للصمود يتخذُ من أمدرمان مُنطلقاً لإدارة الولاية في ظرف الحرب الماحق حينَ غادر مُعظم المسئولين والاداريين إلي خارج العاصمة خشية الموت.
تجربة السيد والي الخرطوم سنتي الحرب هي صحيفةٌ ممهورةٌ بالعمل والتضحية والفداء يلتحمُ مع المواطنين ويتقدمهم تحت نيران الجنجويد الأوباش يُروعون المدنيين يقصفون المشافي والأسواق والمساجد والنساء والاطفال الأبرياء.
تحديّات ولاية الخرطوم تتعاظمُ بعد التحرير بأكثرَ منه أيام الحرب فإعادةُ الإعمار كُلفتها باهظة وتتطلب تضافر الجهود لإعادة الحياة إلي مدن العاصمة الثلاث التي غدت فيها البنيات التحتية والخدمية خراباً وأثراً بعد عين.
ولاية الخرطوم في مقبل الأيام تحتاج تأهيلاً باهظ الثمن فتأمينُ حدودها أولويةٌ قصوي يتطلبُ قواتٌ خاصة لردع المتفلتين من العصابات التي تتخذُ من غرب أمدرمان مغارةً إلي جانب مواصلة العمل علي تمشيط وتنظيف أطرافها من جيوب المليشيا وداعميها الذين يستترون بها وكذا تحتاجُ أحياء الخُرطوم في شرقها وغربها إلي حوافز تغري المواطنين بالعودة الآمنة بتوفير الأغذية والدواء وإصحاح البيئة وتشغيل المستشفيات العامة وهو أمرٌ يتطلبُ من حكومة الولاية تعزيز دور المنظمات وحفز الشباب للعمل علي إعادة التعمير واستعادة الشركات الإعمار والداعمين من رجال الأعمال.
ولاية الخرطوم حتي تنهض من عثرتها تتطلب نداءً لإستعادة تشغيل المصانع وتوفير مدخلات الإنتاج لها وتقديم التسهيلات الجمركية والاعفاءات الضريبية لتغطية حاجة العاصمة من المنتجات الغذائية والدوائية.
ولاية الخُرطوم تشهد عودة حثيثة للمواطنين من الولايات المختلفة ومن دول الجوار خصوصاً مصر التي تشهد معابرها زحاماً كبيراً هذه الأيام ولقد كان للجيش المصري دور كبير في تسهيل عودة الذين لجأوا إليها عبر التهريب فضلاً عن مُبادرات بعض رجال الأعمال السودانيين وآخرها جهود السيد يوسف الزين علي السيد أمير قبيلة الجعافرة المحافيظ وهو يقوم بدعم قوافل العودة الطوعية الي ام درمان فضلاً عن مساهمته الكبيرة في دعم القوات المسلحة ودعم المواطنين المرابطين بأم درمان خصوصا مدينة أمبدة ودعم جهود إعادة إعمارها وتأهيل خدماتها وإصحاحِ البيئة بها.
ثم..
أخيراً تتنفسُ الصَعداء مواطنو الكلاكلة بعد دحر الملاقيط الزنماءُ ولقد قام والي الخُرطوم بتفقدهم ودعمهم وقامت كاميرا تلفزيون ولايته بعكس احوال الحياة هنالك.
الزميل منصور مختار أحد الكوادر الفنية التي عملت في قناة النيل الأزرق وقناة الشروق وهو حين نشبت الحرب بقي بمنزلهم في الكلاكلة لفترة ثم نزح الي النيل الأبيض وعاد الي الكلاكلة مرة أخري بعد ثلاثة أشهر وحينها أحكمت المليشيا قبضتها علي منطقة الكلاكلات وأذاقت المواطنين الأمرين.
منصور مختار يحكي معاناته مع أفراد المليشيا ويقول:
قاموا باعتقالي من سوق اللفة واقتادوني إلي بيت قرب البحر وطالبوني بمليار جنيه فدية ولما تأكدوا بأني لا أملك مليماً واحداً واني مفلس علي الحديدة قاموا باصابتي في رجلي اليمين ثقبت الرجل والشبشب والسراميك.
منصور مختار يحكي أن عاماً ونصف من المعاناة قضاها بالكلاكلة والآن بعد دحر المليشيا أخذ يتعافي بدعوات الاصدقاء وأخذت الكلاكلة في التعافي بعودة الأمن الي نطاق ولاية الخرطوم وهو يأملُ أن يستعيد السودان أمنه ونهضته وهو يتغني:
بُكرة الهم يفوتنا
نرجع لي بيوتنا
في بحري وأم درمان
بكره يقولو عودو
وعيدنا تفوح ورودو والخرطوم امان
بقلوبنا واشواقا
في شارع النيل نتلاقا
ونمشي الامتداد
نرجع بحري تاني
وتعود الاماني
نسهر في المزاد
بكره تعود قوية
تعود العباسية وتلم الشباب
بحرينا تتهني
وصوت الحوت يغني
يقول بعد الغياب
تعود لينا الشعبية موسسة مية مية
شمبات الجمال
نمشي نزورها جبره
المن الامها تبرا
يحموها الرجال