شهد مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور تصعيدًا خطيرًا هذا الأسبوع، حيث تعرض لهجمات صاروخية متكررةمن مليشيا الدعم السريع، ما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة آخرين بجروح، وأثارت هذه الأحداث موجة من الإدانة الدولية، كان أبرزها بيانًا شديد اللهجة من وزارة الخارجية الأميركية
الإدانة الأمريكية
وأدانت الولايات المتحدة الأميركية بـ”أشد العبارات” الهجمات التي شنتها مليشيا الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور، والتي أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة آخرين، وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، وصفت واشنطن هذه الهجمات بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، داعية جميع الأطراف المتصارعة في السودان إلى وقف الأعمال العسكرية فورًا داخل وحول المخيمات التي لجأ إليها المدنيون هربًا من العنف
وأكد المتحدث باسم الوزارة، ماثيو ميلر، أن الهجمات عطّلت إيصال المساعدات الإنسانية الطارئة في ظل انتشار المجاعة، مشددًا على ضرورة الحفاظ على الطابع المدني لهذه المخيمات وضمان خلوها من أي وجود عسكري
الأضرار الإنسانية
و قال الصحفي محمد الحسن، المختص في تغطية الحرب بدارفور لـ” الكرامة”:القصف الذي تعرض له مخيم زمزم من قبل مليشيات الجنجويد يعكس حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها المدنيون في دارفور، أكثر من نصف مليون شخص يتكدسون في المخيم، معظمهم نزحوا بسبب الحرب المستمرة، هذا الهجوم يفاقم من معاناتهم، خصوصًا أن المساعدات الإنسانية أصبحت شبه مستحيلة الوصول
وأشار محمد إلى أن هذا القصف يشكل استهدافًا مباشرًا للطابع المدني للمخيمات، محذرًا من أن تكرار هذه الهجمات قد يدفع نحو مزيد من النزوح الجماعي أو حتى انهيار الوضع الإنساني بشكل كامل
مسؤولية المليشيا
من جانبه، يرى الباحث في قضايا السلام والنزاعات،الدكتور عبد الرحمن عيسى، أن الهجمات على مخيمات النازحين تمثل “خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني” ،وأكد أن الوضع يتطلب تحركًا فوريًا من المجتمع الدولي لمعاقبة مليشيات الدعم السريع
واضاف لـ” الكرامة”:استهداف المدنيين في مخيمات النزوح ليس فقط جريمة حرب، بل هي جريمة ضد الإنسانية، الوضع في زمزم يؤكد أن الحرب لا تميز بين الجبهات العسكرية والمدنيين، وهو ما يزيد من تعقيد الأزمات الإنسانية
الدكتور عبد الرحمن دعا أيضًا إلى تفعيل دور بعثات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية لضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن، مشددًا على أهمية ممارسة ضغوط دولية على مليشيا الدعم السريع المنورطة في قصف المخيم
تفاقم الأزمة
التقارير الإنسانية تشير إلى أن الوضع في مخيم زمزم بلغ مراحل حرجة ،وأوضح تقرير صدر عن برنامج الغذاء العالمي أن المجاعة أصبحت واقعًا في المخيم، مع تحول مئات الآلاف من سكانه إلى الاعتماد الكامل على المساعدات الإنسانية، والتي تعطلت بسبب انعدام الأمن
وحذر التقرير من أن الأوضاع قد تزداد سوءًا مع استمرار القتال وانعدام الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والغذاء، داعيًا المجتمع الدولي إلى التدخل لضمان وصول الإغاثة الطارئة
بدوره، شدد الصحفي محمد الحسن على أن الحل الأساسي يكمن في وقف الحرب:لليمكن فصل الأزمة الإنسانية عن الوضع العسكري. حماية المدنيين تبدأ بوقف الحرب وتوفير ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية
ومع تصاعد القتال في دارفور واستمرار استهداف المدنيين، يبدو أن مخيم زمزم أصبح شاهدًا مأساويًا على واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في السودان ،وتبقى الآمال معقودة على المجتمع الدولي في فرض عقوبات و ممارسة ضغوطات على المليشيا لإيجاد حلول تضع حدًا لمعاناة مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين بين الحرب والمجاعة