يبدو أنّ المجتمع الدولي يعمل على تضييق الخناق على الحكومة والقوات المسلحة، وذلك من خلال تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي أوصى بنشر قواتٍ أممية بذريعة حماية المدنيين، فيما سبق ذلك عدة محاولاتٍ للضغط على الحكومة منها: تحويل منبر التفاوض من جدة إلى جنيف، والطرق على وجود مجاعة في السودان، رغم أنّ وزيرا المالية والزراعة نفيا ذلك وأكدا بأنّ الأمر متعلق بصعوبة إيصال المساعدات لبعض المناطق بسبب جرائم وانتهاكات ميليشيا الدعم السريع، وفرض عقوبات على منظومة الصناعات الدفاعية في وقت سابق، وكذلك مؤسسة “زادنا” وغيرها، كلها مساعٍ للضغط على الحكومة.
ويمضي تقرير لجنة تقصي الحقائق في ذات الاتجاه بدليل الاستعجال في التوصية بنشر قواتٍ أممية.
وثمّة تساؤلاتٍ عن كيفية تعامل الحكومة مع هذا الملف الشائك؟ وهل تمتلك استراتيجية جديدة؟.
لجنة رئاسية
شكل مجلس السيادة قبل الحرب لجنةً رفيعة المستوى تحت إشراف عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر مساعد القائد العام، كانت ولاتزال معنية بالتعامل مع الأمم المتحدة ومؤسساتها، وقدمت اللجنة عملًا كبيرًا أحدها إبعاد البعثة الأممية السياسية “يونيتامس” بقيادة فولكر، بعد أن أعلنت الحكومة بأنّه شخصيةٌ غير مرغوبٍ فيها وكانت النهاية برضوخ الأمم المتحدة للأمر وسحب فولكر.
وعملت اللجنة بصورة مهنية وجمعت أطرافًا ذات صلة مما جعلها تدير الملف باحترافية، ولعل هذا يُعد مدخلًا جيدًا للحكومة للاستفادة من هذه التجربة وتشكيل لجنة للتعامل مع القرارات الصادرة بحق السودان من المجتمع الدولي، بينما تتكون هذه اللجنة من قانونيين ودبلوماسيين بهدف التعامل مع قرار اللجنة الذي فيه إجحافٌ كبير لدور القوات المسلحة ومساواتها بالميليشيا المتمردة.
ويرى مراقبون أنّ الأوفق للحكومة هو تشكيل لجنة خاصة للتعامل مع هذا الملف، نسبة لحساسيته وكونه إذا تم المضي فيه سيحدث تدخلًا دوليًا في السودان، وبالتالي ينبغي على الحكومة التعامل باستراتيجية جديدة ووفق رؤية علمية وقانونية يتم من خلالها إبراز دور السودان في إيصال المساعدات والتعاون مع الأمم المتحدة والتركيز إعلاميًا على تعرية الميليشيا والكشف للرأي العام الدولي الجرائم المروعة والانتهاكات التي ظلت ترتكبها.
مشاركة البرهان
وينتظر أن يشارك رئيس مجلس السيادة خلال هذا الشهر باجتماعات الأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين، وهي سانحة ليوضح الدور الإنساني الكبير الذي تقوم به الحكومة في تقديم العون للمواطنين والسماح بإيصال المساعدات القادمة من الخارج للمتضررين وذلك بفتح المعابر، كما أنّ الجنرال عليه توضيح أنّ الجيش ملتزمٌ بالقانون الدولي فيما يلي حقوق الإنسان ولو لم يكن الجيش ملتزمًا لما قام بقصف الميليشيا أينما كانت، ولكنّ القوات المسلحة حريصةٌ على عدم قصف المناطق المأهولة بالسكان وذلك إيمانًا منها بحماية المدنيين.
خبراء سياسيون اعتبروا أنّ تأخير الحسم العسكري هو واحدٌ من الأسباب الرئيسة التي أدت لاقتراح اللجنة الأممية بنشر قوات أممية، وبالتالي القوات المسلحة مطالبة بالتوسع العسكري وإحداث اختراق حقيقي يقود لحسم المعركة بشكل سريع حتى تتحرر الحكومة من الضغوط، مع ضرورة عدم تعاملها بانفعال أو بلغةٍ عاطفية والتركيز على التعاطي مع هذا الجانب بهدوء تام بذات نسق اللجنة الرئاسية الخاصة بالتعامل مع الأمم المتحدة ومؤسساتها تحت إشراف عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر.
وتقول الكاتبة الصحفية سمية سيد رئيسة تحرير أخبار السودان إنّ الحكومة مطالبة بالتعامل بجدية وعبر عمل مدروس من قبل خبراء مختصين في القانون الدولي ومسائل حقوق الإنسان بعيدًا عن أي حديث سياسي لمجابهة هذه القرارات.
وتضيف سمية قائلةً: إنّ الوضع الحالي يتطلب حَملاتٍ إعلامية ودبلوماسية، ومن المهم جدًا أن تنخرط المحطات الخارجية للدولة عبر السفارات بضرورة القيام بعمل مكثف بالدوائر الدبلوماسية الخارجية لقيادة حملات كبيرة لشرح وجهة نظر السودان وآثار مثل هذه القرارات. وكذلك ينبغي التحرك للإعلام الرسمي للدولة بصورةٍ أوسع ووضع خارطة واضحة واستراتيجية معلومة لفضح انتهاكات التمرد وإيصال جرائمها للعالم عبر ما حدث من تهجيرٍ وقتلٍ وتشريدٍ ونهب واغتصابات، حتى تظهر الحقيقة للمجتمع الدولي عما تقوم به هذه الميليشيا من جرائم وما يقوم به الجيش من حماية المواطن السوداني.