حشدت مليشيات الدعم السريع المتمردة صفوة قواتها في العاصمة الخرطوم فجر يوم أمس “الاثنين” وبادرت بالهجوم على معسكر حطاب بالخرطوم بحري في تمام الساعة الثانية والنصف صباحاً، بعد أن قامت بتوفير الذخيرة لقواتها من منطقة جبرة الشيخ عبر رحلتين استغرقتا أسبوعاً وتمتا بإشراف من الملازم أول (أنس أبوه)، قائد ثاني استخبارات المليشيات في الخرطوم بحري.
وبادرت قيادة القوة بتوزيع الذخائر لكل الارتكازات المحيطة بمعسكرات الجيش في شمال بحري قبل يومين من الهجوم، ووضح من تلك الخطوة التي رصدتها استخبارات الجيش بأنها تنوي الهجوم على تلك المعسكرات.
حشدت المليشيات معظم طاقتها في معركة الأمس ولن تستطيع أن تحشد مجدداً أكثر مما حشدت لحطاب في المستقبل المنظور، ومعظم من شاركوا في هذه المعركة كانت لهم معرفة و دراية جيدة بالمعارك، وسبق لهم أن شاركوا في معارك الكدرو والإشارة والجزيرة و المدرعات، و تعتبر القوة الأكثر تأهيلاً وتدريباً بالمقارنة مع بقية مقاتلي المليشيات، وتأكد لجهاز الاستخبارات العامة بالجيش أن المليشيات استعانت خلال الهجوم بنظام تشويش متحرك في عربة لاندكروزر (بافلو) لتلافي هجوم المسيرات، وقبل بداية المعركة كثفت القوة المهاجمة من التدوين بالراجمات والهاونات على معسكر حطاب ومنطقة كرري العسكرية.
ثم بادرت بالهجوم بعد ساعة من التدوين، لكنها منيت بهزيمة ساحقة حيث تجاوز عدد الجرحى المائة وسبعين جندياً، بينما أفادت الإحصائيات الأولية أن عدد القتلى فاق الخمسين، بمن فيهم قائد القوة المهاجمة، العقيد خلا موسى نيلو، قائد قوات الجنجويد في مصفاة الجيلي، كذلك نجحت قوات معسكر حطاب في تدمير سيارتين مقاتلين (دفع رباعي)، واحده عليها مدفع مضاد للطيران والأخرى مدفع دوشكا، وذلك في الساعة الأولى للقتال، كما نجحت قوة حطاب في السيطرة على أربعة تناكر وقود كانت المليشيات ترغب في تسريبها إلى قواتها الموجودة في مدينتي سنجة والدندر، لإنهاء معاناتها من شح الوقود.
استمرّت معركة الأمس أكثر من عشر ساعات، لكن المليشيات منيت فيها بهزيمة ساحقة، حيث فشلت في تجاوز الدفاعات الأمامية لقوة حطاب ولم تستطع الاقتراب من المعسكر، ما خلا اختراق بسيط حققته في الناحية الجنوبية بدخولها لمنطقة سوق حطاب، حيث انشغل بعض جنودها بالسلب والنهب كعادتهم، قبل أن تشن قوات الجيش هجوماً مضاداً ومعززاً بغطاءات الطيران بعد السادسة مساءً، وتفلح في إجلاء المليشيا من منطقة السوق وتطاردهم حتى منطقة الكهرباء، في مدخل منطقة الوادي الأخضر، حيث تبارى جنود المليشيات في الهروب خوفاً من الأسر والموت، ونجحت قوات حطاب في أسر عدد كبير من المرتزقة أحياء، وكان فيهم بعض الجرحى.
هزيمة الأمس تعتبر الأقسى لمليشيات الدعم السريع المتمردة في العاصمة منذ شهور، كما تعد المعركة الأكبر لها منذ فترة طويلة، وقد بذلت جهداً كبيراً في تجهيز القوة المهاجمة وتشوينها وكان الفشل مدوياً والهزيمة ساحقة.
مصادر (حقيقة السودان) أكدت أن قوات المليشيا في الخرطوم تعاني بصورة عامة نقصاً حاداً الوقود مما أدى إلى ارتفاع أسعاره في السوق السوداء، حيث بلغ سعر جالون البنزين في منطقة شرق النيل ثمانين ألف جنيه، ووصل سعره إلى مائة ألف جنيه في مناطق أخرى من الخرطوم، حتى عجز الجنود عن شراءه بعد أن فشلت قيادتهم في توفيره لهم، كذلك بعاني عدد كبير من جنود مليشيات الدعم السريع من الأمراض الجلدية و الملاريا نتاجاً لتفشي البعوض في أرجاء الولاية، إلى جانب معاناتهم من التايفويد نتاجاً لشح الطعام في الارتكازات والمواقع العسكرية، علاوةً على انعدام العلاج، كما تعاني قوات التمرد من نقص كبير في الذخائر.
خسائر المرتزقة في معركة حطاب لم تقتصر على الجنود، بل تعدتهم إلى عدد من القادة وكبار الضباط، وفي مقدمتهم اللواء خلا متمرد عيسى أبو الزيك قائد ثاني محور الخرطوم بحري الذي لقي حتفه في الساعات الأولى للهجوم الذي استخدمت فيه قوات حطاب المدرعات، وكذلك هلك لعقيد موسى نيلو قائد قوات المليشيا في المصفاة بعد أن تعرض لإصابة كبيرة استلزمت إخلاؤه لمستشفى شرق النيل حيث هلك، وهلك في الهجوم أيضاً المقدم خلا وشون الطاهر وشون، وهو من رزيقات الضعين، كما تعرض اللواء خلا إدريس حسن قائد محور كافوري إلى إصابة بالغة نقل على إثرها إلى مستشفى شرق النيل