منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
مقالات

حديث المدينة – عثمان ميرغني – ما ينتظره المجتمع الدولي..

المحور نيوز

الذي يدهشني لحد المتعة على رأي شاعرنا عمر الدوش في رائعة وردي “الحزن القديم” (تجيني ويجيني معاك زمن أمتع نفسي بالدهشة).. هو إسراف كثير من السودانيين في النظر لعبارة “المجتمع الدولي” وكأنها صنو للعار والخذلان و الارتماء في أحضان الخيانة، بينما السودان البلد الوحيد في العالم الذي توقفت فيه المستشفيات و مؤسسات التعليم العام والعالي بينما على النقيض من ذلك تزداد فيه مصانع الجوازات التي تطبع مئات الآلاف كل شهر لتسهل للسودانيين الخروج من وطنهم إلى أحضان “المجتمع الدولي”، حيث كان.
نحن شركاء لأكثر من 190 دولة في العالم نتقاسم كرة أرضية واحدة فيها مصالح مشتركة، نحتاج للآخرين بقدر حاجتهم لنا، وتعظم مصالحنا كلما عظمت مصالح الآخرين عندنا..
من هذا المنطق يجب أن نتفهم هواجس المجتمع الدولي نحونا بعد أن تضع الحرب أوزارها.. و مصالحه أيضا..
أول هواجس المجتمع الدولي أنه يدرك أن السودان الآن خلاصة حوالي 70 سنة من الفشل السياسي الوخيم الذي أنتج في آخر المطاف حربا ضروس تقتات بدماء شعبنا و دمرت الكفاف الذي كنا نعيش فيه وبه..
والمجتمع الدولي الذي أضاع عقودا من الزمان يعالج أوجاعنا من أيام المجاعة التي اجتاحت السودان في عهد نميري و أدت إلى تجريف البنية السكانية بصورة أضرت بالسودان عندما ترك السودانيون غالبية وطنهم شاغرا وتجمعوا في العاصمة على بؤسها لدرجة أن يكون بها واحد من كل ثلاثة سودانيين.
هذا المجتمع الدولي لا يريد أن يكون السودان وطنا مستقرا فحسب، بل أن يدفع إلتزامات وجوده في الكرة الأرضية التي يشغل فيها حيزا مقدرا بمساحة قارة، يتركها جدباء ويتسول الدول الأخرى يسألها إلحافا أعطوه أو منعوه..
الكرة الأرضية مثل القطار الذي يتشاركه ركاب كثر، على كل منهم أن يدفع ثمن التذكرة لتكون الحصيلة والناتج هو ما يحتاجه القطار لإستمرار رحلته.. لكن أن تكون هناك دولة تحوز على أكبر مساحة زراعية خالية في العالم – وهذا تصنيف حقيقي- ثم يغضب أهلها عندما يطالبهم العالم بدفع ثمن التذكرة، فهذا أمر لا تتحمله الكرامة الوطنية في أدنى صورها.
المجتمع الدولي يريد من السودان بقدر مساحته وما يملكه من موارد أن يكون عضوا نشطا يساهم كغيره في إسعاد وتقدم البشرية، لماذا دول صغيرة الحجم قليلة السكان تدفع نصيبها والتزامها في تطور الحضارة البشرية، والسودان بكل مساحته وموارده وسكانه يعيش عالة على غيره في كل شيء.. من الطعام إلى الدواء إلى الكساء إلى أدنى المطلوبات.
المجتمع الدولي يريد ضمانات واضحة لمستقبل السودان السياسي، كيف يُحكم؟ و كيف يدار؟ لا تدخلا في شؤونه ولكن لضمان أن لا ينتكس ويعود إلى الحروب التي يشعلها الأشرار ويدفع ثمنها الأخيار.
للأسف بعض السياسيين و الأحزاب يؤذي نفوسهم الحديث عن مستقبل ما بعد الحرب لأنهم يرغبون في استمرار الحرب حتى يتأكدوا من إمساكهم بمقاليد الأمور و إقصاء غيرهم.
ومثل هذا التفكير هو الأكسجين الذي يطيل عمر الحريق..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى