منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
مقالات

عبد العظيم حسن المحامي يكتب : الجوع ولا الجنجويد

من هجروا أوطانهم وتركوا ديارهم خرجوا ولسان حالهم يردد: “الجوع الجوع ولا الجنجويد”. فعلى الأرض، ما من مدينة أو قرية، وقبل أو بعد اجتياحها، إلا وغادرها أهلها بعدما ذاقوا القتل والسحل والاغتصاب والنهب الذي مارسته المليشيا بزعم الديقراطية واجتثاث الكيزان. هذا السلوك أفشل وسيفشل أي محاولات لنزع فتيل الحرب حتى وإن كان المدخل إنسانياً. غياب العصا المرفوعة لحمل طرف على التفاوض تستلزم التلويح بالإدانة السابقة والإجبار المعلن لوقف مصدر العدوان والتشريد وذلك حتى لا يبدو أن رعاة التفاوض قابلين استخدام المدنيين وبيوتهم مجرد ورقة تفاوض أو رصيد لحملة انتخابية قادمة.
*غلـــب* المجتمع الدولي مصالحه على المصالح العليا للسودانيين، متجاهلاً أن الأخيرين وصلوا لقناعة أن المليشيا، أكدت بسلوكها تاريخها المعلوم، فهزمت نفسها وأحرجت كل داعميها مجردة إياهم من أي متكأ عليها في أي موازنات مستقبلية. من جانب آخر تدرك كل الشعوب أن معظم السودانيين لا يجدي معهم ابتزاز البطون. أتبنى هذا القول مذكراً بالمليونية التي خرجت إبان الثورة مرددة: “الجوع الجوع ولا الكيزان”. عبر التاريخ كان السودانيون أحراراً، فلم يرضخوا لتجويع المسالم ناهيك عن المحارب. حتى لا نعقد المعقد، فالذي يبدو، وحتى اللحظة، أن الشفرة لم تجد المفتاح الصحيح.
*صراعات ساستنا* ليست على توفير لقمة العيش أو أمن وسلامة المواطن بقدرما التهافت على سلطة غير مستحقة. المتصارعون سواء بالأصالة أو الوكالة تحاشوا السبب الرئيس زارفين دموع التماسيح ومتذرعين بحالة إنسانية ما هي إلا عرض لمرض مصنوع بالاشتراك الجنائي. هذه الحرب أعادت السودانيين لأوضاع ما قبل التاريخ. مع ذلك بوسعنا أن نصنع الفرصة بالبناء على الحد الأدنى من المشتركات الوطنية. طبيعي والحرب في أوجها أن يفشل الخطاب العقلاني بالذات مع فورة اللا موضوعي. كثيرون، بسبب الصدمة أو الحرب الإعلامية يرفضون الاستماع أو يقبلون حتى النقاش الحكيم. مهما يكن من أمر، تتطلب الإيجابية تجاوز المحنة والعبور للموضوعية وإن طال السفر. من خلال المقالات القادمة سنحاول البناء على مواطن التوافق بين غالبية السودانيين، إن لم يكن كلهم، ونواصل.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
4 أغسطس 2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى