للمرةِ الثانية يعود محمد طاهر إيلا اخر رئيس مجلس للوزراء في عهد النظام المخلوع إلى البلاد ، عاد في المرة الأولى في أكتوبر 2022 بعد أخذهِ ضوء أخضر من سلطةِ انقلاب 25 أكتوبر بقيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح البرهان ، يعود حالياً أثناء الحرب وبضوءٍ أخضر أيضاً بحسب مراقبين من البرهان مجدداً ، تم استقبال إيلا من قبل قياداتٍ أهلية ومجتمعية ومناصري المؤتمر الوطني المحلول في بورتسودان ، وشهدت الفترة الماضية تعيين عددٍ من المقربين من إيلا في مواقع تنفيذية بالشركة السودانية للموارد المعدنية وهم أيضاً من عضوية حزب المؤتمر الوطني المحلول .
غطاء قبلي
تفيد المعلومات التي تحصلت عليها ” انتقال ” إلى أن عودة ايلا مرتطبة بوضعية حزب المؤتمر الوطني والإسلاميين بعد توارد معلوماتٍ عن إخفاء قياداتهم لأنفسهم عقب المتغيرات التي طرأت في منبر جدة والتي نصت على ضرورة إلقاء القبض على قيادات المؤتمر الوطني المحلول ضمن شروط انهاء الحرب ووقف إطلاق النار ، وذلك للإستفادة من وضعيته وسط المجتمعات المحلية بشرق السودان ومن الغطاء القبلي وتغيير غير معلن لإدارة عمل الحزب المحلول .
طائرات مصرية
عودة إيلا في 2022 كانت عبر طائرةٍ مصرية وبتنسيقٍ بين سلطة الأمر الواقع في الخرطوم والسلطات المصرية وذلك لترتيب مشهدٍ سياسي جديد في شرق السودان دعماً لخططٍ للسيطرة على توجهات الفاعلين بالإقليم خاصة المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة والناظر محمد الأمين ترك وتوجيهها نحو دعم خطط الإسلاميين والمؤتمر الوطني المحلول رفضاً لإنهاء الانقلاب والعملية السياسية ، وهو بالفعل ما عمل عليه خلال فترةِ وجوده الأولى وأثارت مغادرته البلاد عبر طائرة مصرية خاصة في 19 ديسمبر 2022 العديد من التساؤلات بعد توقيع الاتفاق السياسي الإطاري الذي تم في 5 ديسمبر 2022 ، ويرى مراقبون أن مغادرة إيلا تلك كانت بعد توقعاتهِ بمضي العملية السياسية نحو تشكيل واقعٍ جديد فإختار المغادرة تحت مبرر أنه تعرض لوعكةٍ صحية تستدعي العلاج بمصر ، على الرغم من إعلانه أنه عاد بصورةٍ نهائية .
التنسيق السياسي
ووفقاً لمعلوماتٍ تحصلت عليها ” انتقال ” ، فإنه بعد اندلاع الحرب واختيار القائد العام للقوات المسلحة وسلطة الأمر واقع من بورتسودان عاصمةً إدارية بديلةً للخرطوم ، أصبحت المدينة ملاذاً آمناً لقيادات المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية لإدارة المشهد السياسي المؤيد للحرب وخطابها ، ماجعل ولايات شرق السودان تشهد حركةً مكثفة لقيادات الإسلاميين وعقد لقاءاتٍ وأنشطة تحت حمايةٍ من القائد العام للقوات المسلحة على الرغم من كونهم مطلوبين للعدالة .
لعب محمد طاهر إيلا دوراً تنسيقياً بين المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة والكتلة الديمقراطية والجبهة الوطنية السودانية التي كونها الناظر محمد الأمين ترك مؤخراً لدعم تحركات الإسلاميين والعمل كواجهاتٍ ذات بعدٍ مناطقي وجهوي إضافةً إلى تنسيقٍ مع شيبة ضرار رئيس ما يسمى تحالف أحزاب وحركات شرق السودان وذلك من إصدار خطابات ومواقف سياسية تصب في تحقيق مصالح تعيين عددٍ من منسوبي الحزب المحلول في مواقع تنفيذية كبديلٍ لخطة تكوين حكومة حربٍ كما كان يخطط الإسلاميون ، وعودة إيلا الأخيرة تأتي بعد عقد مصالحاتٍ بين مكونات الإقليم ومحاولات منه للتأثير عليها لخلق حالةٍ من الإصطفاف على أسس مناطقية .
تعينات ومناصب
في نهاية أكتوبر المنصرم تم تعيين محمد طاهر محمد عمر مديراً للشركة السودانية للموارد المعدنية بديلاً لمبارك اردول وعُد ذلك تغييراً من قبل البرهان طلباً لمزيدٍ من الدعم من المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة ودعواتٍ من مجموعاتٍ سياسية على رأسها الناظر محمد الأمين ترك عبر خطابات منظمة عن منحهم مناصب وحصصٍ تنفيذية مقابل دعمهم لمواقف القائد العام للقوات المسلحة وتحالفهم الخفي مع الإسلاميين ، محمد طاهر عمر والذي كان معتمداً بمحلية شمال الدلتا بولاية كسلا يعد من المقربين من الناظر ترك وهو من ضمن عضوية المجلس الأعلى لنظارات البجا ،و المقربين أيضاً من محمد طاهر إيلا وسبق له العمل معه أثناء فترته والياً على ولاية البحر الأحمر إضافة إلى القيادي بالشق الثاني من المجلس عبدالله أوبشار والذي كان معتمداً لمحلية القنب والأوليب في عهد إيلا .
تحركات إيلا
تعيين محمد طاهر محمد عمر لم يكن الوحيد لأحد المقربين من إيلا ، أعقبه تعيين محمد طاهر عوضاب والذي كان مديراً لإدارة السياحة بولاية البحرالأحمر خلال فترة تولي إيلا الولاية مديراً لإدارة الاستثمار بالشركة السودانية للموارد المعدنية ، وكان مقيماً بالقاهرة ويعد أحد أبرز عناصر المؤتمر الوطني المحلول الذين يعتمد عليهم محد طاهر إيلا في تحركاته ، تزامنت هذه التعينات مع مطالبات للمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة لرؤساء الحركات المسلحة الذين اعلنوا مساندتهم القوات المسلحة في الحرب بمغادرة ولاية البحر الأحمر وإعلان إيلا عودته إلى البلاد وهو الأمر الذي فتح باباً للتساؤلات حول علاقته بهذه التحركات إرتباطه بذلك خاصة وأن طريقته في العمل السياسي تقوم دائماً على أسس مناطقية وجهوية .
دوره في الشرق
تولى إيلا منصب والي ولاية البحر الأحمر في 2005 ضمن ترتيباتٍ اجراها حزب المؤتمر الوطني المحلول بشرق السودان عقب مجزرة ديم عرب والتي قتلت فيها الأجهزة الأمنية 25 شخصاً من منسوبي ومناصري مؤتمر البجا بعد احتجاجهم على سياساتِ النظام البائد ، وشهدت فترة توليه هذا المنصب توتراتٍ بين المكونات المحلية اتجه فيها إلى استخدام نفوذ وسلطة الدولة للتعامل معها واحكام قبضة النظام الأمنية ، علاوةً عل اغلاقه لمناطق داخل حدود الولاية تحت دعاوى قانون الطوارئ وعدم تنفيذ برنامجٍ لنزع الألغام وإعادة توطين المواطنيين بعد توقيع اتفاق سلام شرق السودان سنة 2006 ،وعمله على تسيس القبائل لصالح خدمة اجندة النظام البائد ، وهو ما استمر فيه بعد سقوط نظام المؤتمر الوطني المحلول ومساهماتهِ في تكوين المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة ودعمه خلال الفترة الانتقالية وصولاً إلى اغلاق الشرق وميناء بورتسودان الذي افضى إلى انقلاب 25 أكتوبر 2021 .
قضايا فساد
ارتبط إسم محمد طاهر بقضايا فسادٍ ومخالفاتٍ مالية أثناء توليه منصب والي البحر الأحمر والجزيرة ، وادى هروبه خارج البلاد إلى جمهورية مصر العربية لعدم تمكن السلطات القانونية والأجهزة العدلية من القاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة خلال الفترة الانتقالية المنقلب عليها في 25 أكتوبر 2021 ،وصدرت في سبتمبر 2019 أوامر قبضٍ في مواجهة ايلا من قبل نيابة الفساد والأموال العامة تحت دعوى جنائية بالرقم 2421/2019 ومعه عددٌ من وزراء حكومته بالولاية أثناء فترة توليه منصب ولاية الجزيرة وتعلقت هذه الدعوى بإنشاء طرقٍ داخلية بمدينة ود مدني ومراجعة عقودها ، وميزانياتِ مهرجان الجزيرة للسياحة والتسوق ومزادات الأراضي وعقود الأراضي الزراعية والمستشفيات والمدارس ،تم فتح هذه الدعاوى الجنائية بناءً على تقارير المراجع العام وعقود التنمية ومخالفات الاعتداء على المال العام .
وفي ديسمبر 2019 أصدرت النيابة العامة بولاية البحر الأحمر أيضاً أمر قبضٍ في مواجهته تحت الدعوى الجنائية بالرقم 55 /2019 تتعلق بقضايا فسادٍ وتجاوزات مالية بالولاية ، ولم يتم اتخاذ اجراءاتٍ بحقه عقب عودته في أكتوبر 2022 وظل يقوم بأدوارهِ مع قيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول دعماً لانقلاب 25 أكتوبر والتحضيرات التي قادها الإسلاميون لرفض العملية السياسية والاتفاق السياسي الإطاري وتنظيم الحشود والتجييش لإشعال الحرب حال توقيعه .