معاوية السقا يكتب : حكايتي مع الباشكاتب
لحظة سماعي نبأ وفاة عبقري الأغنية السودانية واحد المجددين في دمائها موسيقار الاجيال محمد الأمين جال في خاطري شريط من الزكريات ومشوار أربعة وعشرين عاما هي عمر العلاقة بيني وبين الموسيقار الكبير قدم لي من خلالها ثلاثة اغنيات
لازلت اتذكر تلك اللحظة التي أتاني فيها الممثل القدير أنور محمد عثمان ليخبرني أن الموسيقار محمد الأمين قد إختار احدي نصوصي الشعرية ليتغني بها ويود مقابلتي بصورة عاجلة باتحاد الفنانين
كنت حينها يافعا اتلمس الخطي وابحث عن موطئ قدم سواء كان في ميدان الشعر أو بلاط صاحبة الجلالة أو الاذاعة السودانية غير أن الباشكاتب باختياره لواحدة من اغنياتي اختصر علي الكثير من المشاوير المصنية بين ليلة وضحاها بات اسمي علي كل الشفاه
كانت لحظات تاريخية واحساس لايوصف وانا اقف امام ابو الامين كانت دقات قلبي تتصاعد وانتابتني حالة من الخوف غير أن ابو الأمين بحكمة الكبار استطاع أن يزيل كل ذلك ويمنحني ثقة كبيرة وتعامل معي وكأني احد اساطين الشعر وليس شاعرا مبتدئا يتلمس الخطي ناقشني في كل كلمة وعبارة وكسر كل الحواجز التي كانت تقف بيننا وبعد اسبوع من لقائنا كانت أول بروفة لأغنية سابينا اجلسني بجوراره وقدمني لاعضاء الفرقة الموسيقية وبعد البروفة اخبرني بأنه سيقدم الاغنية في اول حفل له وطالبني بكتابة النص وصورة فتوغرافية لم أفهم فلسفته من ذلك لكنه فاجأني يوم الحفل الذي أقيم في الواحد والعشرين من رمضان ١٩٩٩ بمفاجاة لم تخطر علي بالي
فقد طبع الموسيقار محمد الامين بانفلت نشر فيه اغتية سابينا مصحوبة بصورتي بجانب سيرة ذاتية وقد وزع ذلك البانفلت علي الجمهور
حينها ادركت أن ابو الأمين أراد أن يقدمني بشكل مختلف والاحتفاء بي علي طريقته الخاصة
بعد تقديم الاغتية تعرضت لحملة استهداف كبيرة وهجوم كاسح حتي من اقرب الاقربين لي من الصحفين وبعض كبار الشعراء الذين اعترضوا كيف يغني محمد الأمين لشاعر مغمور هجوم كاد أن يقضي علي مستقبلي غير أن ابو الأمين خرج في منبر اعلامي وقال بصريح العبارة ساغني للسقا ثالث ورابع وخامس وكانت كلماته بمثابة الهواء الذي اعادني للحياة وتوطدت العلاقة بيننا وجمعنا حب كبير حكي لي الكثير من تفاصيل حياته واسراره الخاصة ومعاناته في الوسط الفني والمتاريس التي وصعت امامه كنا نجلس الي مابعد منتصف الليل وبعدها يقوم بتوصيلي الي المنزل
تابع كل المسلسلات التي كتبتها للاذاعة وكان يناقشني فيها تعرف علي اسرتي الكبيرة والصغيرة
ذات مرة اتصل بي هاتفيا وطلب مقابلتي باتحاد الفنانين لأمر مهم كان حينها مسافرا الي لندن وطلب مني مجموعة من النصوص ليقوم بتلحينها فمن ضمن ما اختاره من النص مين غيرك بعد شهر من سفر الباشكاتب رن هاتفي الساعه الثالثة صباحا قمت مفزوعا ونظرت الي الرقم وجدته من خارج السودان ضغطت علي الزر فإذا بصوت الباشكاتب لينقل لي الخبر السعيد بأنه قام بتلحين مين غيرك ويريد استشارتي في تعديل بعض الكلمات واخبرني بأنه سوف يأتي بعد ثلاثة أيام وانا مدعو لحضور البروفة باتحاد الفنانين لانه سيتغني بهذه الأغنية ليلة رأس السنة كان ذلك في يوم ٢٣- ١١ – ٢٠١١
وبالفعل اوفي الباشكاتب بما وعد وقدم الاغنية ليلة رأس السنة ولكنها غير مكتملة ليكملها في العام ٢٠١٨ في حفل المسرح القومي
اذكر في ذات مرة وأثناء ادائه لأغنية مين غير رحب بي ترحيبا خاص وبي زوجتي وبنتي نغم كل ذلك وهو يغني بعد عاما قدم لي الاغنية الثالثة جنون عاشق
وددت أن اذكر هذه التفاصيل لاوضح الوجه الآخر للباشكاتب ومدي احترامه لفنه ولشعرائه وود أن أبين أن لمحمد الأمين فضل علي بعد الله وأن منحني فرصة أن أكون جزء من تجرته وعندما وثقت له قناة الشروق في برنامج زورق الالحان تشرفت بالظهور معه في حلقة واحدة علي مدي ساعة من الزمان