منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
التقارير

واقع التعليم .. المأزق والمخارج…

تقرير: عبد القادر جاز

يرى بعض المحللين والمختصين أن على مر التاريخ المعاصر للدولة السودانية لم يجدوا للتعليم أي أثر فعلي لإنجاح أي مشروع تنموي، أترى أن مرد ذلك يرجع إلى خلل بنيوي في المنهج أم في السلم التعليمي نفسه ؟ رغما عن تغيير المنهج التربوي من قبل الأنظمة الحاكمة منذ العام 1970م لم نصل إلى الحلول والمعالجات اللازمة، إلى ماذا ترجع المسألة في ظل المؤشرات الراهنة ؟ يعتقد البعض أن مشكلة السودان تكمن في المثقفين والأكاديميين، من واقع أن لكل تجربة في الحكم، والحالة التي يمر بها السودان أي نوع من الثورات التي يمكن لها أن تعالج هذه الأزمة ؟
*النظرة القاصرة:*
أعترف الأستاذ محمد حامد يحي بندق عضو لجنة المعلمين السودانيين وعضو لجنة متابعة سداد مرتبات المعلمين بالولايات أنه لم يكن هناك أي أثر فعلي لإنجاح أي مشروع تنموي يعود فشله لسياسات الأنظمة التي تعاقبت على حكم البلاد، مرجحا أن فشلها نتاج طبيعي لعدم اهتمامها بالتعليم خاصة في ميزان المدفوعات التجاري، وذلك نسبة للنظرة القاصرة التي لا تهتم بالثروة البشرية، قائلا إذا نظرنا لكل الموازنات نجد نسبة الصرف على التعليم لا تتجاوز 2%، متسائلا بهذه الوضعية كيف يتثنى للتعليم أن يحدث تغييرا في المفاهيم ناهيك عن المشروعات التنمية المستدامة؟
*ثورة مفاهيمية:*
أكد بندق أن النخب السياسية والأكاديمية الذين حكموا السودان كرروا نفس الخطأ الذي وقع فيه من سبقهم، نتيجة للاهتمام بالمصالح الذاتية بعيدا عن هموم وقضايا الشعب السوداني في كيفية توفير الخدمات الأساسية في التعليم والصحة والأمن وغيرها، وأقر بندق أن الوضع الذي يمر به السودان وصل إلى مرحلة الانعاش نتيجة لإعادة القبلية البغيضة التي كانت في عهد الجاهلية الأولى، مؤكدا أن مخرج البلاد من هذا المأزق هو ثورة وعي ومفاهيم لأجل بناء سودان جديد تسود فيه قيم الحرية والسلام والعدالة المتوازنة في ظل وجود نظام حكم فيدرالي يحقق فيدرالية التعليم والصحة والأمن، وأردف بقوله: إن المثقفين والأكاديميين الذين أفسدوا المشهد العام هم قادرين على إصلاح ذلك، بشرط التجرد من حب الذات للارتقاء إلى القومية وحب العباد والشعب عامة.
*غرائب الأحوال:*
أكد القائد فيصل عبد الرحمن السحيني رئيس جيش تحرير السودان الإصلاح أن التعليم يعاني من أوضاع متقلبة الأطوار طيلة العقود الماضية منذ الاستقلال ولم يخطى باهتمام الحكومات التي تعاقبت على حكم البلاد على الإطلاق بالصورة المهنية المطلوبة، قائلا على ضوء ذلك لم يكن له أي تأثير في إحداث التنمية المنشودة سواء على المستوى المشاريع، أو الخدمات، مستطردا بقوله: من غرائب الأحوال أن أوضاع التعليم في السودان في الماضي أفضل بكثير مما هي عليه حاليا من حيث الإعداد والمناهج والتأهيل للكوادر التعليمية وتوفير الكتاب والإجلاس والبيئة المدرسية بشكل عام، مرجحا أن مستقبل التعليم في السودان مازال غير واضح تماما، لافتا إلى أن المشكلة ليست في السلم التعليم، إنما جوهر المشكلة في المنهج وعدم تطويره بما يواكب المتغيرات التي طرأت على العالم.
*التغيير المؤدلج:*
قال السحيني إن تغيير المنهج مرده للسياسات الرعناء التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة خاصة حكومة الإنقاذ التي تلقى فيها نظامنا التعليمي ضربات موجعة بمعنى الكلمة، مشيرا في هذا الخصوص إلى تدمير نظام التعليم خلال سياساتها الخاطئة التي تمثلت في تغيير المناهج بصورة مؤدلجة، وبإلغاء المرحلة المتوسطة وانعكاسها سلبا على المستوى الأكاديمي للطلاب، بجانب إغلاق معاهد إعداد وتأهيل وتدريب المعلمين التي كانت منتشرة في معظم مُدن السودان على سبيل المثال: أمدرمان، شندي، الدامر، عطبرة ومعهد التربية بخت الرضا وغيرها، واعترف بأن مشاكل التعليم تكمن في الأنظمة التي حكمت البلاد وهي التي ساهمت مساهمة كبيرة في اختلال النظام التعليمي وتدميره وصولا إلى مرحلة الشلل على حد تعبيره.
*سياسات قويمة:*
نفى السحيني أن الوضع الراهن بحاجة إلى ثورة، إنما يحتاج إلى قرارات حكيمة ورشيدة تساهم في حل العقد ولا تعقدها أكثر، معتبرا أن المواطن أصبح بلا حقوق، ومطالب بالصبر على أخطاء الآخرين بدفع فاتورة الفشل والتخبط السياسي، ولفت إلى أن القضية تحتاج لحلول جذرية تحسم عبر التوافق التام من جميع الأطراف حتى نخرج بالبلاد إلى بر الأمان، مبينا أن الوطن في كف عفريت ساسة انتهازيين وعسكر يتشبثون بالسلطة يرفضون التغيير الشامل الذي يفضي إلى دولة مدنية مستقرة سياسيا واقتصاديا، مرجحا أن حل الأزمة لا يحتاج إلى ثورة، إنما لسياسات قويمة تقوم المعوج، وتزيل الخلل، وتصلح حال السياسات الاستراتيجية التي تستمد قوتها بالأطراف المحايدة ذات الخبرة والتأثير!!! ودعا إلى ضرورة التعامل مع الوضع الراهن بصورة لا تترك جراحات يصعب علاجها، ولا أزمات تدمر ما تبقى من الوطن، داعيا الجميع للعمل من أجل الوطن بتوافق كل القوى السياسية، وتكوين حكومة انتقالية لمدة عام يتفق عليها الأغلبية تقود إلى الانتخابات، وصولا إلى الاستقرار والتنمية والتعمير بالبلاد.
*المعادلة مختلة:*
اعتبر الأستاذ أحمد محمد أبكر الناطق الرسمي باسم مجلس الصحوة الثوري السوداني إن التعليم يعد من أهم روافد التنمية في المجتمع، فالمجتمع الذي يحسن تعليم وتأهيل أبنائه يساهم في تنمية الموارد البشرية في بناء مجتمع تسود فيه قيم الأمن الاجتماعي، والاستقرار السياسي والاقتصادي، مستطردا بقوله: إن التنمية المستدامة لا تتم إلا من خلال المؤسسات التربوية وعلى رأسها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مشيرا إلى أن هذا التوصيف يتناقض مع واقع الدولة السودانية من خلال نسب الميزانية المخصصة للتعليم والبحث العلمي في مجالات التنمية، مستغربا أن تمنح ميزانية الأمن والدفاع ما يفوق 80% علاوة على الصرف السياسي البذخي في الوقت الذي تخصص في للتعليم أقل من نسبة 3% من جملة ميزانية الدولة، مبينا أننا بطبيعة الحال، في ظل هذه المعادلة المختلة لن نجد أي أثر فعلي، أو أي بصيص أمل لإنجاح مشروع تنموي نهضوي عطفا على الخلل البنيوي في المنهج التعليمي الذي تدرس فيه باستمرار سفاسف الأمور بعيداً عن المواكبة للتطور العلمي والتكنولوجي.
*الرؤى الأحادية:*
أوضح الأستاذ أحمد أن جميع الأنظمة الحاكمة لم تتبنى إلا المناهج التي تتماشى مع سياساتها وتوجهاتها الفكرية الأيديولوجية، مستطردا بقوله: إن هذا الوضع بهذه الطريقة سيؤثر على عدم تقدم التنمية وتطور المجتمعات جراء الانغلاق المرتبط بهذه التوجهات والرؤى الأحادية القاصرة لتلك الأنظمة، مؤكدا أن سيناريو تغيير المناهج لصالح الأنظمة الحاكمة هو عملية يراد بها تسويق سياساتها ليس إلا.
*مستنقع الأزمات:*
أقر بأن أزمة السودان تتمحور في أنانية وانتهازية الصفوة السياسية والمثقفين والأكاديميين الذين أدخلوا البلاد عنوة في مستنقع الأزمات المتناسلة جراء التخبط العشوائي واسترداد الأفكار من الخارج التي لا تتماشى مع طبيعة الإنسان السوداني، معتبرا أن هذا أس الفشل في عملية إدارة البلاد وفقا للنظرة الفوقية الاستعلائية لدى النخب السياسية الذين قادوا إلى الفشل المتلازم.
*اجتثاث أسباب الفقر:*
أكد أحمد أن السودان يقف على حافة الهاوية في ظل فشل ذريع في كافة المجالات، معتبرا أن هذا الوضع يتطلب إيجاد مخرج حقيقي يتمحور حول ثورة مفاهيمية مع توفر الإرادة الوطنية لانتشال الوطن من هذا الخطر المحدق، ووضع خارطة طريق واضحة المعالم، متمنيا أن يساهم فيها كافة السودانيين والسودانيات دون إقصاء لأي أحد من الحادبين والحريصين على إعادة هيكلة الدولة السودانية بأسس جديدة وإزالة الاحتقانات ومعالجة جذور الأزمة السودانية الشاملة، بما في اجتثاث أسباب الفقر، ومعالجة التهميش، وإنهاء الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى