نوافذ قانونية _ حسين امين مصطفي التني _ الملكية الفكرية( ١)
كثير من الناس يسمعون بمصطلح الفكرية ويرددون هذا المصطلح بصورة مستمرة ، ولا يكاد يمر يوم إلا وسمعنا به في وسائل الإعلام , ولأهميته وعلاقتهبإنتاج الأنسان الفكري وإبداعاته في مختلف نواحي الحياه رأيت أن اسلط الضوء عليه ابتداء بالتعريف بالملكية الفكرية ، مروراً بأنواعها ، وأهميتها في حفظ الحقوق ونسبها الى أهلها ثم الحديث عن تاريخ نشأة الملكية الفكرية ، والتعريف بالمنظمة الدولية للملكية الفكرية ((Wipo ثم ندلف للحديث عن الملكية الفكرية في السودان وأول صدور للقوانين التي تنظمها وعلاقة السودان بالآيبو ، وكل ما يتعلق بالملكية الفكرية ، وقطعاً لا يمكن تغطية تلك المواضيع في مقال واحد لذا سيتم التطرق لتلك المواضيع في عدة حلقات متسلسلة ، فالملكية الفكرية نوعٌ من أنواع الملكية التي ظهرت في العصور المتأخرة، نتيجةً للتطور العلمي و التقدم الصناعي والتقني والتجاري الذي يشهده العالم ,ولتحديد مفهوم هذا المصطلح يُنْظَرُ إلى تعريفه باعتبارين ؛ الأولباعتباره مركباً إضافياً يتكون من كلمتين الأولى :كلمة ( الملكية) والثانية كلمة ( الفكرية )ولكلِ واحدة من هاتين الكلمتين معنىً في اللغة وآخر في الاصطلاحوالثاني : باعتباره لقَبَاً على هذا النوع من أنواع الملكية، ويأتي بيان تعريف هذين الاعتبارين على النحو التالي :والملكية لغة هىاحتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به والتصرف فيه بانفرادو في القاموس المحيط ملك الشيء يملكه إذا احتواه و كان قادرا على الاستبداد به و يقال ملك الشيء حازه وانفرد بالتصرف فيه فهو مالك و تملك الشيء امتلكه أو ملكه قهرا. و أما في الاصطلاح : فإن اللفظ الذي كان معروفا بين الفقهاء قديما هو ” الملك “و أماالمحدثون فإنهم يعبرون بلفظ ( الملكية ) عن لفظ (الملك(فالكلمتان مترادفتان و الملاحظ أن استعمال الفقهاء للفظ( الملك ) لا يخرج عن المعنى اللّغويّ فقد عرفه القرافي بأنه(تمكن الإنسان شرعا بنفسه أو بنائبه من الانتفاع بالعين و المنفعة ومن أخذ العوض أو تمكنه من الانتفاع خاصة )أما الفكرية لُغَةً : مأخوذة من الفِكْرِ ؛ وهو أصلٌ يدل على تردد القلب في الشيء؛ يُقَالُ : تفكر ؛ إذا ردد قَلْبَهُ مُعْتَبِرَاً، ورَجُلٌ فكير ، كثير الفِكْرِوالفَكْرُ والفِكَرُ : إعْمَالُ الخَاطِرِ في الشيءِ وقد أَفْكَرَ في الشيءِ، وفَكَرَ فيه و تفكر بمعنىً . و التفكر ( اسم التفكير ) : التأمل، والاسم منه : الفِكْرُ، والفِكْرَةُ، والمصْدَرُ : الفَكْرُ وفَكَرَ في الأَمْرِ فَكْرَاً : أَعْمَلَ العقلَ فيه، و رتب بعضَ ما يعلم ليصل به إلى مجهولٍ وأفْكَرَ في الأَمْر : فَكَرَ فيه فهو مفكر، و فكر في الأمر : مُبَالَغَةً في فَكَرَ وهو أشْيَعُ في الاستعمال من فَكَرَ، و فكر في المُشْكِلَةِ : أعْمَلَ عقلَهُ فيها ليتوصل إلى حلها، فهو مفكر . والجمع : أفكار.ٌ
و أما الفِكْرُ اصطلاحاً : فهو إعمالُ العقلِ في أَمْرِ مجهولٍِ، وترتيب أمور في الذهن، يتوصل بها إلى معرفةٍ حقيقيةٍ أو ظنيةو الملكية الفكرية هي فئة من الممتلكات التي تتضمن الإبداعات غير الملموسة للعقل البشري.
تعترف بعض الدول بالعديد من أنواع الملكية الفكرية أكثر من غيرها. الأنواع الأكثر شهرة هي حقوق النشر)(Copy Rights) ، وبراءات الاختراع 0(Patents) والعلامات التجارية (Trade marks) والأسرار التجارية(Trade secrets) وُجدت السلائف المبكرة لبعض أنواع الملكية الفكرية في بعض المجتمعات مثل روماالقديمة، لكن المفهوم الحديث للملكية الفكرية تطور في إنجلترافي القرنين السابع عشر والثامن عشر. بدأ استخدام مصطلح (الملكية الفكرية (في القرن التاسع عشر على الرغم من أن الملكية الفكرية لم تصبح شائعة في غالبية النظم القانونية في العالم حتى نهاية القرن العشرين.الغرض الرئيسي من قانون الملكية الفكرية هو تشجيع إنشاء مجموعة واسعة من السلع الفكرية. ومن أجل تحقيق ذلك، يمنح القانون حقوق ملكية الأفراد والشركات للمعلومات والسلع الفكرية التي ينشئونها، والتي تكون عادةً لفترة زمنية محدودة. يعطي هذا حافزًا اقتصاديًا من أجل إنشائها، بسبب إتاحة الاستفادة من المعلومات والسلع الفكرية لمن أنشأها. من المتوقع أن تحفز هذه الحوافز الاقتصادية الابتكار وتسهم في التقدم التكنولوجي للبلدان الذي يعتمد على مدى الحماية الممنوحة للمبتكرين. وتواجه الطبيعة غير الملموسة للملكية الفكرية صعوبات في حمايتها عند المقارنة بالملكية التقليدية مثل الأرض أو البضائع. على عكس الملكية التقليدية، فإن الملكية الفكرية «غير قابلة للتجزئة»، إذ يمكن لعدد غير محدود من الأشخاص «استهلاك» السلعة الفكرية دون استنزافها. بالإضافة إلى ذلك، تعاني الاستثمارات في السلع الفكرية من مشاكل الاستيلاء: يمكن لمالك الأرض أن يحيط أرضه بسياج قوي بالإضافة إلى توظيف حراس مسلحين من أجل حمايتها، لكن منتج المعلومات أو الأدبلا يمكنه عادةً فعل الكثير من أجل منع المشتري الأول من نسخها وبيعها بسعر أقل. إن الموازنة بين الحقوق لتكون قوية بما يكفي من أجل تشجيع إنشاء السلع الفكرية ولكن غير قوية لدرجة منع الاستخدام الواسع للبضائع هي محور التركيز الأساسي لقانون الملكية الفكرية الحديث.
حسين أمين مصطفي التني
h.a.eltinay@gmail.com