منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
مقالات

مِيناء أرقين رافدُ العلاقاتُ السُودانية المِصرية بقلم/مُحمّد عُكاشة

صَديقَنا شيخُ المُصورين في الصَحافة السُودانية يحيى شالكا رجلٌ دهريٌ وغاية في اللطَافة وفايت الناس مَسافة.
شالكا بطبيعةِ شخصيتهِ وطبيعةُ عَمله مُغامرٌ كَشاف.
أولُ وآخرُ مرةٍ أهبطُ فيه مِصرا بالدرب التِحت كانت قبلَ اثنتين وثلاثينَ عاماً رفقةَ أترابي صعاليكُ أم درمان والصُعلوكُ هنا بمعناها ومبناها الذي تتقصَده العربُ كنايةً عن الشهامةِ والشجاعةِ والكرم.
وقتذاكَ أخَذنا القطارَ حين كانت السكةَ حديد وسيلةٌ لتقريبِ المسافات وصافرةُ القطاراتِ لضبطِ شاراتِ الوقت.
القطار من الخرطوم إلي حلفا والباخرةُ تمخرُ عُباب البحرِ تلقاءَ أسوان.
يحيى شالكا صعلوكٌ بالمعني وبالكاميرا وبالرفقةِ الجميلة.
هذه المرةِ نتساوكُ بالطريقِ “البَراني” القاهرة أرقين الخُرطوم.
الرحلةُ الطويلةُ الشاقةُ تُختصرُ بسردِ “الحكايات” من جهةِ المُسافرينَ من وإلي وكذا “الحواديتُ” تُروي من جهةِ المِصريينَ سائقو البصات والباعةُ وأصحابُ الكافترياتِ علي الطريق.
عُدتُ القهقري وصُور المِنيا والاُقصُر وأسوانُ تشَحذُ ذاكرتي عبرَ السنوات فتاريخُ وحضارةُ وادي النيل بُناتهُا ومن شادَ آجرةُ بناءِها هم آباءُ أبناءُ هذه المناطقُ وما يزالُ المعمارُ شاخصٌ يدلُ علي ذلك في شكلِ المساجد والكنائسِ والبيوتُ تشرئبُ صاعدةً من بين الحقولُ والمزارعُ والغيطان.
قطعتُ المسافةُ من القاهرة حتي منطقةُ “كركر” في نصفِ يومٍ نقتطعُ نِصفُ ساعةٍ في مقهي “عربُ أسيوط” حيث يلتامُ شكلُ “الأسايطة” مع شكل وأزياءُ وسحناتُ وطَريقةُ نطقُ السُودانيين.
كركرُ هذي منطقةٌ “خاطفُ لونين” فسمتُ العاملينَ ينتشرونَ علي المطاعمِ والمحالِ التجاريةِ هم أقربُ إلي “الصعايدة” غيرَ أنَ تسجيلاتُ المُغنينَ المُطربينَ تضجُ بأصواتٍ سودانيةٍ مع لثغةٍ نوبية مع بعض مُفردات رطُانة تندُ غَصباً عن أمُ فنِ المُؤدي حينَ يتزيّدُ الموسيقيونَ خلفهُ في المولوديه.
عند “كركر” يتحولُ ركابُ الرحلةِ من حالٍ إلي حال مثلما يتبدل البصُ التابعُ للشركةِ المصريةُ يرجعُ سائقهُ مشحونٌ بلطفِ وخستكاتِ السودانيين لنستردفَ البص السوداني مع السايق البوباي وسواقنا زينة.
الرحلةُ تتخذُ مَسارها الأساسُ و”السيرةَ قامت عصُر” ليتهادي البصُ مَطلعَ الفجرِ إلي ميناء أرقين حيثُ تلتفُ المنطقةُ بالصفوفُ من الشاحناتِ تكادُ تبلغ المئات بل تكادُ تربو نحو الألف.
مُعاناةُ المُسافرينَ تتجلي عند الانتظارِ لاكثرَ من خمسُ ساعاتٍ حتي يفتح الموظفونَ عند التاسعة للبدء في عملية إجراءات لزوم الفيزا والعبور وهي في جهةِ المِصريين أخفُ وطأةً فدفعُ الرسم مائة وعشرون جنيها تغادر إلي البوابةِ الثانيةِ هُنالك عند “ديل أهلي” وهنا عقبةٌ تتعثرُ فمعظمُ العابرينَ المسُافرين هم شريحةُ من يبغي تجارةً محدودةً وغالبُ هؤلاء نساءُ ثيّباتٍ وأبكاراً يتجرنَ يُقمنَ أودَ العيش بالحلال أو شبابٌ ذكورٌ يسعونَ في المناكب.
من الحِكاياتُ “الحواديت” أن المُسافرين العائدينَ حينَ يفدُ البصُ جهةَ الجمارك السودانيةُ أو إجراءاتُ الوصول يقومُ أحدهم لجمعِ مبلغ بين الألف أو الألف ونصف جُنيهاً من كل راكب أجرةُ “العتالة” الذين يعملونَ علي تفريغِ العفش للتفتيش الجُمركي وإعادة ُ شحنها إلي البص عندَ المُغادرة فالعتالي واحدٌ أو ثلاث أو خمسُة أنفار تكاد “يوميتُه” بعمليةٍ حسابيةٍ بسيطة المبلغُ مضروباً في عدد البصات في اليوم فإنها تتجاوزُ راتبُ عقيد شرطة في شهرٍ كامل ومع ذلكَ فإنَ هؤلاء العمالُ هم عصبُ الحياةِ في الميناء ولهم دورٌ واضحٌ في تسريعٌ الاجراءات لدا التفتيش الجمركي وتقليلِ حِدةِ الزُحام.
رحلتي وكاميرا شالكا تؤكد بضرورةِ العمل علي تحسينِ وتسريعُ الإجراءات اللازمةِ في المِعبر مع تعظيمُ سلامٍ واجب إلي ضُباط الجوازات والجمارك وأجنادهم ولدا المُختتم نأملُ تقومَ السلطاتُ المِصرية بحفزِ حركةِ السفرِ والتجارة عبرَ ميناء أرقين وزيادةُ الورديّات العاملة فهو رافدٌ للعلاقات الشَعبيةٌ بينَ البلدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى