معاوية السقا يكتب _ الريح الاحمر تفاصيل مدهشة وحكايات صادمة (1)
يتساءل الكثيرون عن مصطلح أولاد ماما وارتباطه بالريح الأحمر، وعن ماهية التسمية، باختصار شديد أن الشخصية المحورية التي تتحكم في تنظيم الريح الأحمر وتوجيه اتجاهاته هي الكودية أو ما يعرف بالشيخة، وكما بيّنا في السابق أنها تحظى باحترام وتقدير في منظومة الريح الأحمر، وهي الوحيد المخول لها أن تأمر وتنهى وتطاع. وكودية الزار أو الشيخة تُعرف “بالحبوبة ” أو الماما وكل عالم الريح يعتقد فيها لأنها تمثل حلقة الوصل بينهم والمريضة، لذا أطلقوا عليهم أولاد ماما . دور الكودية ودور الكودية في عالم الريح دور تنظيمي في المقام الأول لأن الريح الأحمر عندما يتنزل يكون في حالة هياج لتأكيد وجوده وسطوته فتعمل الشيخة بكل ما أعطيت من صلاحيات على تهدئته وتنظيمه، وهذا الأمر إما عن طريق الحوار المباشر بأن تخاطب عوالم المريض بعد استدعائها بواسطة البخور أو يتم الحوار من خلال رؤية منامية بأن تقوم الشيخة بإعطاء المريضة بعض البخور لتضعه تحت وسادتها لتقوم عوالمها بمخاطبة الشيخة في منامها بكل ما يريدون من طلبات وعادة ما تنحصر الطلبات في البخور والملابس ذات المواصفات الخاصة ونادراً ما يكون طلب الفنتازية أي اليومية، والتي تأتي في مراحل لاحقة . خطورة الريح الأحمر عندما يختلط بالسحر، حينئذ يصاب المريض بالعديد من المشاكل، لأن الريح والسحر لا يمكن أن يتعايشا في مكان واحد، لاسيما إن كان المكان هو جسم الإنسان، وعدم التعايش هذا يكون بسبب طبيعة الريح المائلة الى المرح والطرب والبهجة والفرفشة والنعنشة وعلى النقيض تماماً يمثل خادم السحر أو الجان المسلط خطرا داهماً على المصاب، لأنه أتى إلى تنفيذ مهمة بعينها، وبالتالي يتوجب عليه أذى المريض وتعطيل حياته مما يعكنن صفو حياته، وهذا ما لا يريده الريح الأحمر الذي دائماً ما يسعى أن تكون المريضة في حالة مزاج عالٍ تتواءم مع طبيعته لأنه يتطبع بطباع الشخصية . حالة مقاومة وفي حال اختلاط الريح الأحمر مع السحر في بعض الأحيان تكون هنالك مقاومة وحالة من العراك بين جني خادم السحر أو المسلط وجني الريح الأحمر، ويكون ضحية هذا الصراع المريض نفسه، وهذا الصراع ينبئ من اضطراب الأفكار بحيث يعتزم المريض بممارسة طقس معين كشرب القهوة مع البخور مثلاً هنا يتدخل الجني المسلط بواسطة السحر ويمنع ممارسة هذا الطقس فيصاب المريض بالصداع الحاد وآلام المفاصل والثقل في الجسم، إما نتيجة لعراك قد تم أو انتقاماً من جني الريح الأحمر لعدم طاعته وممارسة الطقس المحبب له . الريح المخلوط بالسحر هذا الوضع في عالم الريح يعرف بالريح الملخبت، وهو الذي يقوم “ببشتنة المرأة”، لأن المرأة عادة ما تستحضر في الأماكن العامة وبيوت المناسبات وأمام جمع غفير من الناس مما يؤثر في نفسيتها ويجعلها عرضة للقيل والقال ومجالس الشمارات، وفي ذلك تستحضرني قصص عديدة شاهدتها في مناسبات مختلفة أشهرها قصة تلك المرأة التي حضرت إحدى بيوت الأعراس ولم يحن ضيافتها، فما كان منها إلا وإن استحضرت وأحدثت جلبة كبيرة وحولت الفرح إلى حالة من الرعب ولا تهدأ إلا بعد ساعات ورجاءات وتوسلات وإحضار صفرة فيها كل ما لذ وطاب من الطعام . الريح الحر والنوع الآخر من الريح يعرف بالريح الحر، وهو الذي يعشق “الجيهة” ويميل دائماً إلى المظهرية، وهذا النوع متعب للغاية لأن طلباته لا تنتهي بالمرة، ولكنه يحافظ على خصوصيته ولا يتنزل إلا في أيامه المحددة، خطورة هذا النوع من الريح تكمن في قدرته على الانتقام لأنه يلتصق بالمريضة بشكل كبير ويصبح جزءاً من تفاصيل حياتها وعادة ما ينتقم لها في حال وجدت تعنيفاً أو استحقاراً من أي شخص مهما كان حتى لو كان من والديها. متاهة آمال لم تكن أمل تتوقع أن حياتها ستتحول إلى متاهة عجيبة عندما حلت شقيقة زوجها المصابة بالسحر لتستقر معها في ذات المنزل، فأمل المصابة بالريح الأحمر وتحديداً اللولية، كانت تمني النفس أن تعيش في حالة من الاستقرار مع زوجها غير أن رياحها جاءت على غير ما تشتهي، فشقيقة زوجها كانت في حالة استحضار بصورة مستمرة، وكانت آمال تقوم بخدمتها، غير أن عوالمها كانت ترفض هذا المبدأ باعتبار أنهم يخدمون عوالم أخرى وبما أن هذه العوالم تشترك مع البشر في بعض الصفات من بينها الغيرة، حدثت أحداث عاصفة داخل المنزل حولت المنزل إلى حلبة مشتعلة من الصراع، فعوالم آمال ظلت تتراءى في شكل أشباح بالليل لإخافة شقيقة زوج آمال حتى تغادر المنزل بينما ترد عوالمها بذات المبدأ فيصحو الجيران على الصياح والصراخ في منتصف الليل. استمر هذا الوضع لمدة أسبوع تحديدًا إلى أن تدخل زوج آمال ليحسم هذا الأمر بأن اصطحب زوجته وشقيقته إلى أحد الشيوخ في منطقة طرفية في مدينة أم درمان لتبدأ حلقة جديدة من فصول المأساة . الزوج المكلوم فالشيخ الذي ذهب إليه الزوج المغلوب على أمره اتضح فيما بعد أنه ساحر ماكر حول حياة الأسرة إلى جحيم، فقد بدأ عمله بأن أعطى كل واحدة منهما بعض البخرات، جزء منها يوضع في الماء لمدة نصف ساعة ويتم الاستحمام به، وجزء منها يوضع على النار ويستخدم كبخور، والجزء الثالث يستخدم كشراب، عندما قامت شقيقة الزوج باستخدام هذه البخرات استحضرت في الحال وبدأت تتحدث بالشخص الذي صنع السحر والمكان الذي دفن فيه وكشفت عن تفاصيل دقيقة . طمع الشيخ وذات الحال انطبق على الزوجة آمال غير أن الشيخ من خلال هذه البخرات استطاع أن يصنع سحراً لآمال بعد أن شغف بها حباً، فقد كانت جميلة للدرجة التي لا توصف فطمع فيها الشيخ للزواج منها بعد أن امتلك وسيطر على عوالمها وأدخل في جسدها مجموعة من الجن لتفرق بينها وبين زوجها، كان الشيخ يطلب دائماً مقابلة آمال على انفراد ويسألها هل ترغبين في زوجك ليتأكد بأن السحر قد تمكن منها أم لا، الأمر الثاني الذي قام به أمر شقيقة الزوج بمغادرة المنزل على الفور لأنه أدرك بخبرته أن الجن الذي قام باستحضاره ويتلبس شقيقة الزوج هو أحد الملوك وصعب المراس لم يستطع الشيخ أو ما يملكه من جن على مقارعته، لأنه ملك وسلطان وأقوى الجن الذي يملكه، لذا اتخذ هذا القرار وظل يتابع مع آمال ويعطيها البخرات والمحايات إلى أن تمكن السحر منها . مفاجأة مذهلة في صباح يوم بارد استيقظت آمال من النوم مستحضرة حاول زوجها أن يهدّئ من روعها ومخاطبة عوالمها ظنًا منه أنها اللولية غير أن المفاجأة كانت عندما نطق الجني المسلط من الشيخ عن طريق السحر وأمر الزوج أن يقوم بتطليق زوجته أو تتحول الحياة إلى جحيم فاتصل الزوج بالشيخ ليخبره بتفاصيل ما حدث فما كان من الشيخ أن طلب حضوره في الحال وأعطاه مجموعة جديدة من البخرات لتستخدمها الزوجة وجزء آخر يستخدمه هو ولكن قبل استخدامها كان هنالك اتصال تلفوني من شقيقة الزوج اتصلت على زوجها، وكانت مستحضرة فأخبرت شقيقها بأن لا تستخدم هذه البخرات، لأن الشيخ المعني قد صنع سحرًا يريد أن يفرق بينه وبين الزوجة وأمرتهم بأن يذهبوا إلى مراكز الرقية للعلاج. في مركز الرقية في مركز الرقية أجرت آمال عدة جلسات بطل من خلالها السحر، ولكن ظل الريح الأحمر موجوداً، ولكن هنالك مشكلة ظلت قائمة، فالريح الأحمر ظل مملوكاً للشيخ، ولأن الريح صعب المراس استطاع أن يتحرر من قبضة الشيخ ولكن تأثير السحر لازال قائماً خاصة في قبيلة الزرق التي ينتمي إليها شاكر مانزوي لتبدأ فصول جديدة من المعاناة ما بين الزوج والريح الأحمر . مع