
ظل التصوف في الوعي العام زمناً طويلاً محاصراً بصور نمطية اختزلته في الفقر الظاهر، والتسول، وغياب التنظيم، حتى التبس الجوهر بالمشهد، وضاع المقصد خلف المظاهر. جاء دور شيخ الأمين ليكسر هذه الصورة المختزلة، لا إنكاراً لروح الزهد، بل تصحيحاً لمسار فهمها.
أخرج شيخ الأمين الصوفية من دائرة الاتكالية إلى فضاء الكرامة، ومن سؤال الناس إلى الاعتماد على العمل، ومن المظهر البائس إلى الهندام اللائق، مؤكداً أن الطريق إلى الله لا يمر عبر إهانة النفس ولا عبر تشويه صورة الدين. ما دعا إليه لم يكن بدعة ولا ترفاً، بل عودة واعية إلى ما أرشد إليه رسولنا الكريم حين قرن الإيمان بالقوة، وربط العبادة بالنظافة، وأعلى من شأن الكسب الحلال وحسن الهيئة.
التصوف عند شيخ الأمين ليس انكفاءً على الذات، بل حضور إيجابي في المجتمع، سلوك منضبط، ومظهر يعكس جمال الدين لا بؤسه. فالكرامة الإنسانية أصل، والعمل عبادة، وحسن المظهر رسالة صامتة تقول إن هذا الدين جاء ليبني الإنسان لا ليكسره.
بهذا الفهم، أعاد شيخ الأمين الاعتبار للتصوف كمدرسة أخلاق وسلوك، لا كحالة عجز أو انسحاب. حرر السالك من ثقافة السؤال، وربطه بقيمة الإنتاج، وجعل من الهندام عنوان احترام للنفس والناس معاً.
ذلك التجديد لم يكن خروجاً عن الدين، بل عودة صادقة إلى سنته، حيث لا فقر يُستعرض، ولا تقوى تُستجدى، بل إيمان يعمل، ونفس كريمة، وطريق واضح المعالم



