
من ضوء الشمس فوق الحقول، إلى ضوء المعرفة في الفصول، من نهرٍ يروي الأرض، إلى سواعد تبني الوطن، تعود الجزيرة.
وتبقى مدني، حضناً دافئاً لأحلام الكبار والصغار، حكايةً لا تنتهي، ووعداً لا يُخلف.
في كل خطوة تمّت، وفي كل مشروع أُنجز، هناك بصمة لقيادةٍ رأت في العمل وسيلة، وفي المواطن غاية.
ولأن الأرض لا تخون من يخلص لها، فقد ابتسمت الجزيرة، وأزهرت من جديد.
في قلب السودان، على ضفتي النيل المترقرق، تُطل الجزيرة من جديد بوجهٍ أغسلته المواسم، وعيونٍ لم تنم عن الحلم.
وكلُّ ذلك بمجهود حكومة الطاهر إبراهيم الخير، الذي ظلّ يعطي في الحرب كما في السلم، حتى استعادت الجزيرة رونقها، واستعادت مدني دفءَها وألقها.
الجزيرة، ومدنها الورافه لا تُنسى، وذاكرة لا تذبل، تعود اليوم أكثر نضجاً، وأقوى حضوراً، تفتح ذراعيها للوطن، وتهمس “ها أنا من جديد.”
ليست هذه النهضة ارتجالًا، ولا مجرّد أحلام على الورق إنها خطواتٌ ثابتة، خطّها العمل الجاد، وصبر الوالي على المصاب، وتخطيطٌ يقوده وعيٌ إرادة. الجزيرة التي كانت حقلًا للوعد، عادت لتكون أرضًا تُنجِز، لا تعد. قنوات الري تنساب كما لو أنها تغني للأرض، والمشروعات الزراعية تنبض بالحياة من جديد، من مشروع الجزيرة إلى أطراف القرى، عادت الخضرة تكسو الجذور، وعاد الفرح إلى أفواه الناس. مدني ليست اسماً على الخريطة، بل حالة شعورية، مدينة تشبه الوطن في حنانه، وتُشبه الأم في دفئها.
تجولت بين شوارعها، فسمعت ضحكات الأطفال تسبق وقع الأقدام، ورأيت وجوهًا لا تزال تعرف كيف تبتسم رغم ما مرّ بها.
الأسواق استعادت حيويتها، والمقاهي عادت تنبض بحديث الناس وهمومهم وأحلامهم.
مدني الآن لا تعود فقط كما كانت، بل تعود أجمل، لأنّها عادت بتجربة، وعادت بإصرار.
في الجزيرة، لا تبدأ الحكاية من الأرض فقط، بل من الإنسان الذي يُعطي بلا انتظار.
رأيت الفلاح يُمسك معوله كأنه يُصافح التربة، ويغرس البذور كما لو كان يزرع أملاً جديداً في قلب الوطن.
في المدارس، عادت أصوات التلاميذ تعبق بالمعنى ووعدهم واليها الهمام بمجانية الجلوس للامتحانات ، وفي المستشفيات، تزايدت وتيرة الخدمة، وشهدت المرافق نهوضاً ملموساً.
كل هذا نتيجة لعملٍ دؤوب، وإدارةٍ حكيمة، وضعت الإنسان في قلب الخطة، وجعلت من التنمية رسالةً لا شعاراً.
بقيادة حكومة الطاهر إبراهيم الخير، لم تكن الأقوال تسبق الأفعال، بل كانت الأفعال تنطق حيث تصمت الوعود.
في زمنٍ ضاق فيه الأمل على كثير من الولايات، كانت الجزيرة تمضي بثقة، تبني وتُرمم، تزرع وتحصد، تُشيد وتُنظّم.
لم يكن التحدي سهلاً، ولكن الإصرار كان أقوى.
من تعبيد الطرق، إلى توسيع شبكات الكهرباء، إلى دعم الزراعة والتعليم والصحة… العمل لا يتوقف، والخطى لا تتراجع.
حين تنظر الآن إلى الجزيرة، لا ترى مجرد ولاية، بل ترى نموذجاً لوطنٍ ينهض حين تتوافر النية ويقودُه المخلصون.
النهضة لم تعد حلماً مؤجلًا، بل واقعاً يتحرك، يشهد عليه الزرع، ويُبشّر به الحصاد، وتردده شفاه المواطنين الذين انتظروا طويلًا.
ومدني، هذه المدينة الحانية، تُغني اليوم من جديد، لا بألحان الماضي وحده، بل بنبض الحاضر وشغف الغد.