محمد البشير حنبكة يكتب حديث البشير ماوراء السطور
تحدث البشير بثبات واختار كلمات محسوبة، فبعضها كان للمحكمة التي يخاطبهم، وبعضها كان للقوات المسلحة ! وبعضها كان للخارج، الخارج الإقليمي والدولي ! وغالبيتها كانت للشعب السوداني فقد خاطبهم جميعاً ؛ وخاطب فيهم الإرادة والاستقلال والوفاء ، خاطب فيهم العقل والقلب والروح والجسد – واكتفى بإشارات للعقلاء من القوات الأمنية حينما قال (أنا ضابط مظلي قمت بمسؤوليتي الوطنية تجاه السودان)، و اللبيب بالاشارة يفهم..!!
لم يستغل البشير السانحة لتوجيه اللائمة على احد ! ولم يتوقف كثيراً عند عتاب الخونة ! ولم يتشفى في إرسال رسالة لدول الإقليم التي تسجنه وتحاكمه الآن ! واكتفى بمخاطبة وكلائها بشيئ من الواقعية ، وقليل من الاحسان ، فذكرهم بمعطيات الواقع قبيل انقلاب ٨٩ ، ودعا العسكريين دعوة مبطنة لحماية البلاد من الانزلاق والمخازي ولم يكترث كثيراً لمضمون اعترافه بتهمة الانقلاب فقال إنه فعلها – نعم فعلها لوحده ، خطط ونفذ وحكم لثلاثين عاما بين فيها ما أنجز واعتذر عن الأخطاء التي وقعت فيها ، ويكون البشير بذلك قد وضع المحكمة أمام امتحان عسير فإما أن تستمر في محاكمته سياسيا، أو أن تطلق سراح المدنيين وتحيل البشير إلى محكمة عسكرية لتفعل ما تشاء ، ويكون البشير لذلك قد ترك الأمر برمته في يد البرهان وحميدتي، فقد وضعهم الرجل في المسرح الذي يريد وهزمهم في مسرح السياسة والقانون.*