للحقيقة لسان – رحمة عبدالمنعم – (قطايف )..رسائل سامح حسين الإنسانية

في زحام الأعمال الرمضانية التي تتنافس على جذب انتباه المشاهدين، برز برنامج “قطايف” ليشكل استثناءً لافتاً، حيث استطاع أن يحقق انتشاراً واسعاً دون أن يعتمد على الدعاية التقليدية التي ترافق عادة البرامج والمسلسلات في هذا الموسم، منذ اللحظات الأولى لعرضه، جذب العمل اهتمام الملايين، ليحصد في أولى حلقاته أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون مشاهدة، متصدراً المشاهدات والتفاعلات على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، في مؤشر واضح على أن الجمهور لا يزال يبحث عن المحتوى الذي يمس قلبه وعقله في آنٍ واحد.
البرنامج، الذي يقدمه الفنان المصري سامح حسين، جاء ليؤكد أن بساطة الفكرة وقوة الرسالة يمكنهما أن يصنعا الفارق في عالم الإعلام الرقمي، لم يكن اختيار الاسم عشوائياً، بل جاء معبراً عن مضمونه، فكما أن القطايف تعد حلوى رمضانية خفيفة ولذيذة، فإن الحلقات تحمل مزيجاً مشابهاً من الخفة في التقديم والعمق في المعنى، ببراعة وإحساس صادق، نجح سامح حسين في تقديم رسائل إنسانية وأخلاقية تعكس القيم الأصيلة التي تتوارثها الأجيال، مستهدفاً جميع أفراد الأسرة دون استثناء.
اعتاد الجمهور على رؤية سامح حسين في أدوار كوميدية تزرع البهجة، لكنه في “قطايف” اتخذ مساراً مختلفاً، فانتقل من الإضحاك إلى التأمل، ومن رسم الابتسامة إلى ترسيخ القيم، بأسلوب بسيط وطرح غير مباشر، قدم للمشاهدين جرعات من الحكمة التي تتغلغل بسلاسة في الوجدان، دون افتعال أو تصنّع، هذا التحول لم يأتِ على حساب شعبيته، بل على العكس، عزز مكانته كفنان يمتلك القدرة على التلون والتجديد، مستنداً إلى موهبة أصيلة وفهم عميق لاحتياجات الجمهور.
النجاح الذي حققه البرنامج لم يكن مجرد صدفة أو وليد لحظة عابرة، بل كان نتاج رؤية واعية لما يحتاجه المشاهد في زمن باتت فيه القيم تُلقى جانباً لصالح الإثارة والصخب،
استطاع “قطايف” أن يقدم لحظات من الصفاء وسط الضجيج، وأن يخلق مساحة للتأمل وسط زخم المحتويات السريعة،هذه القدرة على الجمع بين الجاذبية والبساطة من جهة، والرسالة العميقة من جهة أخرى، هي ما جعلت العمل يتصدر المشهد، ويصبح حديث الناس في شهر تتوق فيه النفوس إلى ما يلامس جوهرها الحقيقي.
سامح حسين لم يكن مجرد مقدم لبرنامج قصير، بل كان صاحب رؤية، نجح في أن يخاطب الوجدان بصدق، وأن يعيد إلى الواجهة نموذجاً نادراً من الإعلام الذي يحمل رسالة دون أن يفقد رونقه ،في زمن تبدو فيه القيم عرضة للانحسار أمام موجة الترفيه الخاوي، جاء “قطايف” ليؤكد أن الفن لا يزال قادراً على أن يكون جسراً للنبل والمعنى، وأن الجمهور، رغم كل التغيرات، لا يزال يتفاعل مع ما يمس إنسانيته بعمق وإحساس حقيقي.