للحقيقة لسان – رحمة عبدالمنعم – فساد التمكين.. نهب تحت غطاء الثورة
في خضم الأحداث السياسية التي عاشتها البلاد خلال السنوات الماضية، كانت لجنة إزالة التمكين تُقدَّم للرأي العام كأداة لتطهير مؤسسات الدولة من إرث النظام السابق ،إلا أن الشهادات المتواترة تكشف عن وجه آخر لهذه اللجنة، بعيد عن الشعارات الرنانة والوعود بالإصلاح.
تصريحات المقدم شرطة عبد الله سليمان، عضو لجنة إزالة التمكين “المحلولة”، تضع هذه اللجنة في قلب عاصفة من الاتهامات بالفساد وسوء الإدارة، وتُبرز تحالفاتها المشبوهة مع قوى سياسية ومليشيا الدعم السريع، في بث مباشر على منصات التواصل الاجتماعي، قدّم سليمان شهادة صادمة للشعب السوداني حول مصير الأموال المصادرة من المؤسسات والهيئات التي قيل إنها كانت تتبع للنظام السابق.
وفقاً لتصريحاته، فإن نسبة 60% من الأموال المصادرة ذهبت إلى دور أحزاب قوى الحرية والتغيير (قحت)، فيما نُقل الجزء المتبقي، بنسبة 40%، إلى مجلس الوزراء ،هذا التصرف، كما أفاد، جاء باعتراف رئيس الوزراء المقال عبد الله حمدوك، الذي تفاخر برغبة حكومته في إنشاء شركة استثمارية بهذه الأموال لصالح المجلس.
الأدهى من ذلك، أن اللجنة، بتوجيه مباشر من قيادات مثل المدعو صلاح مناع، قامت بتسليم مواقع استراتيجية بالعاصمة إلى الدعم السريع، منها قصر الصداقة في بحري، ومواقع أخرى مهمة ،هذه الخطوة تطرح أسئلة خطيرة عن طبيعة التحالفات التي تشكلت خلال تلك الفترة، وعن الدور السياسي الذي لعبته المليشيا كحليف استراتيجي لقوى سياسية داخل السلطة.
ما يجعل هذه الشهادة أكثر خطورة هو اتهام إيهاب الطيب، عضو حزب البعث، وصلاح مناع، ووجدي صالح بالاستيلاء على أموال ضخمة مصادرة من شركات ومنظمات، من بينها شركة دانفوديو التابعة لمنظمة الدعوة الإسلامية، دون أن تُورد هذه الأموال لخزينة الدولة.
إن هذه المعلومات، تؤكد أن اللجنة لم تكن سوى أداة لتحقيق أجندات سياسية ضيقة، مستغلة شعارات محاربة الفساد لتبرير ممارساتها، كما تكشف طبيعة العلاقة المشبوهة بين قوى “قحت” والمليشيا، سواء خلال فترة حكمها أو بعد اندلاع الحرب، حيث استمر التحالف بين الطرفين على أسس المصالح السياسية والميدانية.
إن فساد لجنة إزالة التمكين لم يكن مجرد انحراف عن أهدافها المعلنة، بل تجسيداً لمنظومة من التحالفات المشبوهة التي قوضت ثقة الشعب السوداني في شعارات الإصلاح والعدالة، ما يجري اليوم هو فرصة لإعادة النظر في كل تلك التجارب والوقوف بحزم أمام محاولات تحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات لتحقيق مكاسب فئوية ضيقة،فالشعب السوداني يستحق قادة يؤمنون بالشفافية والمحاسبة، لا بألاعيب السلطة والمصالح الشخصية.