قطع شك محمد أحمد الكباشي المناقل.. مع الجيش تسد الفرقة
الصورة الذهنية التي تشكلت أمام ناظري حول مدينة المناقل عندما كنت في طريقي إليها صباح الاثنين الماضي تبدو أنها صورة شائهة كئيبة المناظر بكل تفاصيلها .. تخيلت ان منازلا باحيائها أصبحت أثرا بعد عين ،وقد تكومت أمام اصحابها بفعل السيول التي اجتاحت المحلية العام الماضي، وهي كارثة جعلت المحلية في ذلك الوقت مصدرا للأخبار الصادمة، من دمار وسقوط للمنازل وتلف المحاصيل، وما تبع ذلك من زيارات رسمية وشعبية للوقوف على الأوضاع وفعل ما يمكن فعله لإنقاذ الموقف ومحاولة السيطرة عليه..
ضمن الصورة الذهنية كانت تجول بخاطري رواكيب رثة أمامها اطفال ، يلهون رمت بهم هذه الكارثة الي حيث المجهول .. لا نصير لهم ولا احد يمسك بأيديهم ولا باسرهم لتعود البسمة إليهم
والصورة الذهنية لا زالت تحمل عندي كثير من المآسي وحالة التردي التى عاشتها تلك المدينة المنكوبة مثل هذه الأيام من العام السابق
ولكن سرعان ما تبدلت عندي هذه الصورة القاتمة الى لوحة زاهية من الجمال وما اجملها من روح التعاضد والتكاتف وروح الهمة والمسؤولية على المستوى الرسمي والشعبي والتسابق نحو فعل الخيرات في مجالات التنمية والاعمار والخدمات الاخرى من صحة وتعليم ومياه وغيرها
المشاهدات التي لا يمكن غض الطرف عنها طريق مدني المناقل والذي بات يشكل خطورة بالغة علي حياة المواطنين من واقع الحفر والانهيارات التي اعترضه علي طوله فالأمر يحتاج الي وقفة عاجلة من حكومة بيد ان المدير التنفيذي لمحلية الكاملين أكد ان عملية الصيانة بدأت بالفعل لكنها توقفت بسبب الحرب الدائرة بالخرطوم
ومع اقترابنا من المدينة ملامح مدينة نهضت من تحت الركام عند زيارتي لها وان كانت لساعات محدودة لكنها خلصت الي المقولة ليس من رأى كمن سمع
لنرى كيف استطاعت هذه المدينة المنكوبة ان تستعيد القها ورونقها بل وعافيتها خلال شهور معدودة ؟
لا شك أن المناقل تقف علي ارض صلبة من التماسك الاجتماعي بين مكوناتها المختلفة وارث بإذخ من الترابط والتعاون فيما بينهم ولعل ذلك تمثل في الجهد الشعبي والبصمة الواضحة في كافة الأنشطة سواء كان ذلك النشاط او الانجاز هو مخصص للجهات الرسمية أو معني فقط بالجهد الشعبي
ولك أن تتخيل عزيزي القارئ ان الجهد الشعبي لعب دورا كبيرا في إنشاء نحو 170 منزلا احتضنت أسر كادت ان تكون ضمن قائمة النزوح والتشرد وبذلك عادت هذه الأسر اكثر قوة واطمئنان وما ذاك الا بجهد رجال تسبق اعمالهم سيرتهم متجاوزين حتى حدود المحلية إلى الولاية الي الهم القومي ولا يكاد من جهد اوعمل نفذ بالمناقل الا وتصدرت قائمة الشرف الشيخ عبد المنعم أبو ضريرة والشيخ جموعة وآخرون ظلوا يحملون هم المناقل
جانب آخر جعل المناقل تتفرد بين مثيلاتها من المحليات علي المستوى القومي بل سبقت حتى الولايات الأخرى وهي تتقدمها في الخارطة الاستثمارية في مجال الصناعات وقد حجزت موقعا مرموقا في المجال وليس أدل على ذلك منتجاتها التي تحمل اسمها من الصناعات الغذائية والضرورية بالنسبة للمواطن . هذه المنتجات اخذت تجوب مدن وقرى وفرقان علي امتداد الوطن ،انها منتجات تضاهي ما نستورده من الخارج من حيث الجودة والمواصفات
نافلة القول أن ما تعرضت له العاصمة من خراب وتدمير ممنهج من قبل مليشيا الدعم السريع وعمليات النهب التي طالت كل شئ وبالتالي خرجت كل المصانع بالعاصمة من دائرة الإنتاج وهذا اكبر خطأ لم يكن وليد فترة معينة بينما استطاعت المناقل وبما تمتلكه من مصانع لإنتاج الدقيق وغيره من امتصاص آثار صدمة الحرب الدائرة ومحاصرة ازمة الخبز والزيوت قبل أن تستقبل وغيرها من السلع الضرورية قبل أن تتجه الانظار الى الاستيراد من دول الجوال ولو قدر لبقية الولايات أن تحذو ذات الاتجاه الذي سلكته المناقل منذ وقت طويل وهو الاهتمام بالصناعة وتطويرها لما كنا نحتاج الان لان نستورد مواد من المبكي والمحزن ان نشير اليها مثل الصابون والزيوت والصلصة وحتى مياه الشرب يتم استيرادها وتحيط بنا المياه من كل جانب
جهود مقدرة بدأت ظاهرة للعيان من قبل حكومة الولاية وعلى رأسها الوالي إسماعيل العاقب وجهازه التنفيذي والامني وتحية لأهل المناقل وليت قومي يستفيدون من الدروس والعبر التي قدمتها المناقل وتكون نموذجا يحتذى فيما ذهبنا إليه