تزامنت ذكرى عيد قواتنا المسلحة في منتصف شهر أغسطس الحالي مع عيد استقلال جمهورية الهند … وهو الأمر الذي دفعني لكتابة هذه الأسطر التي ارى انها هامة لإبراز حجم علاقاتنا الخاصة والضاربة في القدم مع جمهورية الهند الصديقة …
لقد حظيت في العام 2017 بفرصة مواصلة الدراسات العليا لنيل درجة الماجستير
في الدراسات الإستراتيجية والدفاع بموجب منحة دراسية تخصصها حكومة جمهورية الهند للسودان كل عام بكلية
(Defence Services and Staff College “DSSC”)
التي تعتبر إحدى أفضل الكليات العسكرية في العالم …
وتقع هذه الكلية في سلسلة جبال ( التامل نادو )جنوب الهند بالقرب من مدينة (كويمباتور) في منطقه جبلية تسمي (ويلنغتون) وهى منطقة ذات طبيعة ساحرة تقع سط حقول الشاي في مناخ مداري ممطر طوال العام …
وتضمن البرنامج الدراسي زيارة معظم أقاليم الهند عبر “برنامج زيارة الإتجاهات الإستراتيجية والمناطق العسكرية والصناعية” الذي تكتمل دورته خلال فترتين مختلفتين …
*”تفاصيل المليون جنيه إسترليني”*
في صباح ممطر وتحديدا في يوم الجمعة الموافق 19يناير 2018م
زرت إحدى صروح الهند التي تشبه إلى حد بعيد روعة التصميم وفخامة تاج محل أو بوابة الهند أو قصر المدينة تلك الصروح التي هى مصدر فخر للهند ومواطنيها …
يقع هذا الصرح ” الفخم اللافت للنظر” في مدينه *”بوني”* التي يعرفها اهلنا وطلابنا الذين تلقوا تعليمهم في الهند بمدينة *”بونا”* ،،، داخل هذه المدينة ،،، وهو الذي إتضح لي بعدها بانه (الكليه الحربية الهندية او ما تعرف باكاديمية الدفاع الوطنية) أو ال NDA ،،، تلك الكلية التي تخرج منها أعظم ضباط القوات المسلحة الهندية بكل فروعها البرية والجوية والبحرية ،،،، والذين إرتقوا بالجيش الهندي الى مصاف أحد اعظم جيوش العالم حاليا من حيث التدريب والتسليح والعدد والعتاد …
وعقب دخولي الى مبنى هذه الكلية الإستثنائية إصطففت وكل المبتعثين من الضباط الذين يمثلون العديد من دول العالم لمقابلة ممثل الكلية الذي كان ضابطا برتبة فريق …
وبعدما خلص من إلقاء كلمة الترحيب بنا ،،، ،،، نظر إلينا وقال *”هل من بينكم احد من جمهورية السودان؟* فاندهشت لسؤاله المباغت ورفعت يدي وقلت له: *”أنا”*،،، فقال لي: *”إقترب وأقف بجواري* وقال موجها الحديث للجميع: *”يعود الفضل في انشاء هذه الكليه لمنحة سخية من حكومة بلد هذا الرجل ،،، السودان ،،، وتكريما لها،،، تمت تسمية المبنى الرئيس الشامخ هذا بإسم سودان بلوك”*
وواصل في تعريفه بفخر وقال: *”يقع هذا المبني على إرتفاع 700 متر فوق سطح البحر وتم تشييده بمساحة 8022 هكتار ،، أي اي ما يعادل اكثر من 80 كيلومتر مربع على هضبة دودانوادي ويبلغ ارتفاع هذا المبنى 132 قدمًا شاملاً قبة الصحن ٦٠ قدمًا”* *”وتصل مساحة سطحه 115129 متر مربع”* *”وبلغت التكلفة الإجمالية لتشييده حتى يصل إلى ما هو عليه اليوم 28.75 LAKHS روبية اي ما يعادل اكثر من 6 مليون دولار في العام 1949″* … *”وقد تبرعت حكومة جمهورية السودان بمبلغ مليون جنيه إسترليني اي ما يعادل 14 LAKHS روبية في العام ١٩٤١م وذلك عرفانا للقوات الهندية للقتال جنبا الي جنب مع القوات المسلحة السودانية والتي كانت تعرف بقوة دفاع السودان في حملة شمال إفريقيا أثناء الحرب العالمية الثانية”*
*” وتم لاحقا تقسيم هذا المبلغ بين الهند وباكستان في العام 1947 بعد انفصالها عن الهند”* …
وواصل *”وضع حجر الأساس لهذا المبني الضخم السيد بانديت جاوا ارال نهرو الرئيس الهندي الأسبق في 6 أكتوبر 1949 وإكتمل التشييد في العام 1954 حيث تم في الحفل الخاص بإفتتاحه إطلاق الاسم الرسمي SUDAN BLOCK على المبني في 30 مايو 1959 بيد سفير السودان لدي الهند وقتها سعادة السفير رحمة الله عبد الله ….”*
وقفت وقد امتلأت عيني بدموع الزهو والفخر والإعزاز وقد شاهدت بأم عيني نظرات زملائي لي بالدهشة لفخامة الصرح الذي يمكن أن تراه من مسافة تبعد اكثر من 20 كيلومترا ولتاريخه الذي يقف شاهدا على عظمة إرثنا التليد المتعلق بالعلاقات والتحالفات الدولية المتينة المثمرة …
يا أهلي ،،، اهل السودان هذا جزء من تاريخكم المجيد الذي يشهد العالم بعظمته وإستثنائيته منذ الازل بعطاء كوش ومروي ونبتة للإنسانية جمعاء …
ونحن جند الله جند الوطن ،،، نحن رماة الحدق ونحن من هذه الأرض الطيبة ،،،، وهى أغلى ما نملك ،،، ارواحنا فداءا لها …
سنعود الى مكاننا الطليعي والطبيعي بين الأمم سيعود المارد الاسمر بوحدتنا وتوافقنا وتلاحمنا ،،، جيش وأحد شعب واحد …
#عيد_الجيش_68 …
#جيش_واحد_شعب_واحد
#استقلال_الهند
#الهند_حليف_قديم_وصديق_وفيء …
عقيد ركن عمرو ابوعبيده محمد علي صالح