مقالات

عصام حسن علي يكتب….. جرائم الأسرى والمختفين قسريًا في السودان: حقيقة مؤلمة وتحدٍ للضمير الإنساني

في مشهدٍ يندى له الجبين، حررت القوات المسلحة عدد كبير من الأسرى والمختطفين والمختفين قسريا من المواطنين السودانيين بعد فترة احتجاز في ظروف مأساوية وغير إنسانية ، أكدت للعالم حجم الجرائم التي ترتكبها مليشيا آل دقلو الإرهابية ومرتزقتها بحق المواطنين الأبرياء. أجسادهم الهزيلة، وجوههم التي تحكي عن معاناة لا توصف، وصمتهم العميق الذي يُخفي خلفه قصصًا من الرعب والتعذيب، كلها شواهد دامغة على انتهاكات لا يمكن دحضها أو إنكارها.

لكن، أين العالم من هذه الجريمة؟

أثارت هذه الجريمة الوحشية تساؤلات مشروعة حول موقف الأحزاب السياسية، والمنظمات القانونية، ومنظمات الأمم المتحدة، وحتى الهيئات الوطنية العاملة في المجال الإنساني، التي التزمت جميعها صمتًا غريبًا وغير مبرر. لم تصدر إدانات حقيقية، لم تُرفع دعاوى قضائية جادة، ولم تُمارس أي ضغوط فعلية لمحاسبة المجرمين. فهل هو تواطؤ بالصمت، أم أن الحقيقة مرعبة لدرجة تجعل الجميع يخشى مواجهتها؟

لطالما رفعت المنظمات الحقوقية الدولية شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان، إلا أن ردّ فعلها على هذه الجريمة جاء مخيبًا للآمال. في قضايا أخرى، شهدنا تحركات سريعة، بيانات غاضبة، وتدخلات فورية، لكن في هذه الحالة، يبدو أن دماء السودانيين ليست على قائمة الأولويات. هذه الازدواجية في التعامل تطرح تساؤلات خطيرة حول مصداقية هذه المؤسسات، ومدى خضوعها لتأثيرات سياسية واقتصادية تجعلها تتجاهل بعض الانتهاكات بينما تضخم أخرى.

مسؤولية وطنية غائبة

أما على المستوى الداخلي، فإن صمت الأحزاب السياسية، والنخب القانونية، ومنظمات المجتمع المدني، يطرح علامة استفهام كبرى. أين دورها في كشف هذه الجرائم والمطالبة بمحاسبة مرتكبيها؟ لماذا لا يتم تحريك دعاوى قانونية دولية؟ أين الحملات الإعلامية التي تفضح هذه الانتهاكات؟ ثم أين المتشدقين من حملة العبارات الانسانية التي تدغدغ العواطف وتهز شغاف القلوب ولماذا إبتلعو السنتهم في جوفهم.

ماذا بعد؟

لا يجب أن يمر هذا الجرم مرور الكرام. فالمجتمع الدولي، إن كان لا يريد أن يُتهم بالتواطؤ، عليه أن يتحرك فورًا لإجراء تحقيق دولي شفاف ومستقل حول هذه الانتهاكات. وعلى القوى الوطنية أن تخرج من دائرة الصمت، وتتحرك لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم، لأن السكوت عن الظلم هو مشاركة فيه.

لقد أثبتت هذه الجريمة أن ما فعلته مليشيا آل دقلو ومرتزقتها بالسودانيين يتجاوز كل تصور، لكن الحقيقة الأكثر رعبًا هي أن العالم قد اعتاد على مثل هذه الجرائم، حتى بات يراها مجرد أرقام في تقارير بلا روح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى