
احتلال مليشيا الدعم السريع لمثلث جبل عوينات دفع مصر إلى استشعار الخطر على حدودها الجنوبية، فهذه القوة المنفلتة، ذات الارتباطات المريبة، تحولت إلى مهدد مباشر للأمن القومي، ليس على الداخل السوداني فحسب، بل توغلت أيضاً نحو هجليج ولامست خطوط النفط وآباره، الأمر الذي أثار قلق جوبا إلى حد الاهتزاز، لأن النفط بالنسبة لجنوب السودان ليس مجرد مورد اقتصادي، بل هو شريان حياة يشكل 98% من إيرادات الدولة، ويموّل المرتبات والمشاريع التنموية ويضمن استقرار نظام سلفاكير نفسه.
ولذلك تحرك الجيش الشعبي وانتشر في المنطقة برسالة واضحة تقول إن العبث في مناطق النفط خط أحمر، وأن سقوط سلفاكير يعني سقوط الدولة. هكذا وجد دقلو، أو من يقف خلف، نفسه في مأزق خانق، فإما أن يفتح جبهة قتال جديدة مع دولة أخرى، أو يتراجع وهو يجرّ أذيال الهزيمة، بعد أن تمادى في مغامراته.
من قبل، كانت محاولة استهداف بورتسودان أشبه بدق طبول أزمة إقليمية، كادت أن تعصف بالملاحة في البحر الأحمر وتربك اقتصاد الدول المشاطئة جميعها، بما فيها السعودية، وهذا يعني أن المليشيا لا تهاجم السودانيين وحدهم، بل تمد أذرع الفوضى إلى الجوار الإقليمي، وفي يدها أسلحة متطورة ومسيّرات استراتيجية، عملياً هى في يد عصابة، ومئات المرتزقة القادرين على إشعال الحرائق في تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا، وربما أبعد من ذلك.
لا شك أن حجم التهديد المتناسِل يفرض بناء تحالف إقليمي واسع، لا يقل صرامة ولا عزماً عن “عاصفة الحزم”، لإيقاف هذا العدوان الشيطاني الذي ينمو في الحدود كفطر سامّ، أو بالأحرى مثل متحور جديد يهدد المنطقة برمتها.
عزمي عبد الرازق




