عثمان عبد الحليم يكتب : الترويج لموقف الحكومة السودانية بوصفه رفض للتفاوض وموقف المليشيا المجرمة بوصفه داعم للسلام هو استمرار للخطاب التضليلي المصاحب للحرب
الحقيقة أن الحكومة لم ترفض من حيث المبدأ بل هي بادرت بالمشاركة في المفاوضات مبكراً بالمشاركة في منبر جدة في مايو 2023 بعد أقل من شهر من اندلاع الحرب..
كل مافي الأمر أن للحكومة السودانية شروطها للموافقة على استئناف المفاوضات في جنيف وكلها شروط مشروعة ومعتبرة أولها إلتزام بنود منبر جدة وعدم تجاوزها ودعوة الحكومة بصفتها الرسمية لا دعوة مؤسسة الجيش التي تعتبر جزء من الحكومة وعدم اقحام الإمارات بصفه مراقب وهي الداعم للمليشيا بشهادة تقارير خبراء الأمم المتحدة ورفض وجود الايقاد الذي ثبت شراء قادته من قبل الإمارات ومارس بداية الحرب وصاية وتدخلاً سافراً في سيادة السودان وصلت درجة الدعوة لحظر الطيران وادخال قوات أجنبية، وهذه مطالب معقولة للأمانة، فكيف للخصم أن يصبح حكماً..
إذا كانت أمريكا جادة في ارادتها وقف الحرب وتريد أن توفر منبرا جاذبا ناجحاً فلتحقق ببساطة شروط السودان، فلا يمكن أن تزعم ان السودان رافض للمشاركة في المفاوضات هكذا جزافاً وهو قد جلس مع الأمريكان واضعاً شروطاً مبررة لقبول الدعوة.
كنا نتوقع ان تبدي أمريكا روحاً مختلفة هذه المرة لاثبات صدق نيتها لايقاف الحرب بدلاً عن مواصلة مرواغتها المألوفة، استخدام أمريكا لنفوذها وممارسة ضغوط على الإمارات لوقف دعمها للمليشيا واستغلالها لسلاح عقوباتها بالضغط على المليشيا بوقف جرائمها على المدنيين كان كافياً لاحداث اختراق عملي يساهم في ايقاف الحرب، ولكن بدلا عن ذلك تريد أمريكا تبييض وجه الإمارات بجعلها مراقباً وضمان وجود المليشيا مستقبلا بعدم تسويد صفحتها بالعقوبات.
تخيل يا صديقي أن قوة الخطاب التضليلي تجعل من الجيش داعية حرب ومن المليشيا داعية سلام.. بل منك انت شخصيا (بلبوسي) ومن عبد الرحيم دقلو نفسه (رجل سلام).
الجيش الذي يدافع طوال فترة الحرب ويريد أن يدخل إلى أي مفاوضات ضامنا تسوية منصفة هو الطرف الملام وهو الذي لا يريد السلام.. والمليشيا التي تهاجم حتى يوم أمس ولم تنفذ بنود اتفاق جدة وتواصل احتلالها الأعيان المدنية بل واحتلت مزيدا منها من ذلك الحين هي التي يجب أن نصفق لها وهي حمامة السلام.. سلم معاك على المنطق!