
جمعتنا مساء اليوم بمدينة بورتسودان جلسة تفاكر مطولة مع القائد أبو عاقلة كيكل .. نحمد للرجل سعة صدره وتقبله لجملة ملاحظات تتعلق بأهمية وضرورة تجاوز كل نقاط الخلاف الكلامي والكتابي مع رفقاء الدم والسلاح في معركة الكرامة وأن يمضي الجميع للأمام متجاوزين تباين وجهات النظر وهو أمر مطلوب في ظل ظروف معقدة تمر بها البلاد .. وعلمنا من خلال الحوار حرص كل الأطراف علي طي صفحات الخلاف العابر ذلك أن التحديات لا تزال ماثلة كما أن الحرب لم تضع أوزارها بعد وليس من الحكمة أن يتجادل والعدو علي حدود البلاد يترقب ..
■ قلنا له عليكم أن تتقبلوا وبصدر رحب الأصوات الناقدة والناقمة معاً ذلك أن كل السودانيين الشرفاء شركاء في معركة الكرامة .. ومن حق الذين قدموا دماءهم وأبناءهم أن يرفعوا أصواتهم ناقدين وناصحين ومشفقين ..
■ فوجئت حقاً بتفاصيل دقيقة ذات صلة بمجريات الحرب قلبت المسلّمات التي كانت بطرفي رأساً علي عقب .. لايستطيع أحد أن ينكر أن أبوعاقلة كيكل كان أبرز المحيطين بقائد المليشيا وهو موقع جعله مطلعاً علي خفايا لم ولن تتوفر لغيره .. ومن تلك المسلّمات أن حmيدتي خرج من المعركة من يومها الأول .. هاهو كيكل يخبرنا أن هذه الإفادة غير صحيحة وأن زعيم العصابة لايزال مشاركاً في جرائم قواته وأنه غادر الخرطوم قبل أيام من سيطرة الجيش علي كبري سوبا !!
■ كنت حتي قبل إفادات كيكل مساء اليوم علي قناعة بفرضية محددة عن خفايا وأسرار ومواجع سقوط مدينة مدني .. ما سمعته اليوم من كيكل أطاح ما توفّر لدي من معلومات .. كيكل تحدث مساء اليوم بطريقة متماسكة ومقنعة عن مآسي سقوط مدني !!
■ ما كان بحوزتي عن ضلوع الإمارات في دعم عصابات التمرد السريع بدا قليلاً قياساً علي التفاصيل المذهلة التي أوردها كيكل في حديثه معنا مساء اليوم ببورتسودان في جلسة تخللتها قفشات وحكايات حزينة عن يوميات حرب الكرامة ..
■ قبل سنوات إلتقيت بقائد جيش الرب المعارض اليوغندي جوزيف كوني .. كان ذلك اللقاء قبل 25 عاماً تقريباً (تزيد أو تنقص) بمنطقة فلتاكا بجنوب السودان .. طافت تلك المقابلة بمخيلتي اليوم وكيكل يستقبلنا ببشاشة عند عتبة مقر إقامته بعروس البحر .. جنود متسقي القوام .. طوال القامة .. بنيتهم الجسمانية متماسكة .. صغار في السن .. أعينهم تحرس وتراقب قائدهم بصرامة بائنة .. خلال حديثه معنا توقف أكثر من مرة يذكرنا بأن هذا القائد وذاك الجندي من المحيطين به كان مصاباً إصابة بالغة عاد منها ليباشر القتال وأن ذاك الذي يقف عند عتبة الباب كان أسيراً تم تحريره ..و أثني بكل فخر علي تضحيات أكثر من ألف من قواته بين شهيدٍ وجريح .. وأسير ..
■ سألت كيكل ونحن علي أعتاب مغادرة مقر إقامته .. الجابك بورتسودان شنو ؟! .. أجاب : زي أي ضابط أو جندي بيرجع بإذن لمؤخرة الجيش لأسباب إدارية .. وبعدها يرجع محل شغلو ..
■ وافترقنا ..