منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
منوعات

شهادة في أدب الروائي الإرتيري هاشم محمود بقلم عفيف قاووق

ألذي قرأ لهاشم محمود لا بد أن يلاحظ أن أدبه يمكن إدراجه ووصفه بأدب المقاومة أو الأدب السياسي إذا جاز التعبير، فهاشم محمود هاجسه الوحيد ربما والذي يحكمُه
ويتحكم به هو رغبته في أن يحفر في تاريخ بلده أريتريا والعمل على ارشفة وتوثيق معاناة هذا البلد وشعبه منذ الإحتلال الإيطالي وصولا للإحتلال الإثيوبي مروراً بالإحتلال البريطاني.
ما يلفت في روايات الاستاذ هاشم براعته وحنكته وحُسن إختياره للعناوين الصادمة التي تحمل العديد من الإشكاليات والدلالات. مثلا رواية “عطر البارود”، كيف إستطاع هاشم محمود أن يجمع بين البارود الذي يرمز للقتل والتدمير وبين العطر الذي تفوح منه روائح الجمال والحياة؟! وكأنه يريد القول أن البارود إذا أحسن إستخدامه وإستثماره في الوجهة الصحيحة لا بد وأن ينتج عطراً هذا العطر هو بلا شك عبق الإنتصار والتحرير.
رواية أخرى حملت عنوان ” فجر أيلول” وأيلول هو شهرخريفي تتساقط فيه الأوراق وتتعرى الأشجار وتنتفي الأزهار ولكن إذا تضافرت الجهود وخلُصت النوايا لا بد وأن تُزهر ويبزغ فجرا جديدا حتى في أيلول.
النقطة الثانية اللافتة في أدب هاشم محمود هي في الإهداءات التي يُصدَر بها رواياته، ففي رواية نجدها مهداة إلى بلده “إرتيريا مهد الرجال وعهد الوفاء ووهج الأمل، وفي رواية ثانية تُهدى إلى الشهداء والمناضلين فهو يقول:” إلى كل مناضل غيور سعى جاهداً لتحرير أريتريا، وإهداء في رواية أخرى يتوجه به”إلى الراغبين في نور الفجر والقابضين على جمر القضية” وهكذا.
كما ذكرت في البداية،فإن روايات هاشم محمود تتمحور حول تأريخ حقبة زمنية معينة من تاريخ إريتريا ليبرز بطولات وتضحيات أبناء هذا البلد خلال سنوات عديدة من الإحتلالات، بطولات ومعاناة أرادها هاشم أن تبقى حيّة في وجدان الأجيال اللاحقة لئلا تضيع تضحيات من وصفهم بأنهم من” جيل لم يسعَ أبطاله إلى مجدٍ شخصي أو إلى مكاسب فردية، فقط كان حلمهم بالوطن الحر الذي يهب السكن والسكينة لأبنائه”. وهو في هذا المنحى يمكن إعتباره انه يمارس واجبه النضالي وإن كان هذا النضال نضال بالأدب كما وصفه أحد النُقاد. ويؤكد أن الروائي يجب أن يكون صاحب رسالة ومؤمناً بقضية يعبر من خلال أدبه عن قضايا مجتمعه، ولذلك إستحق هاشم محمود لقب “كاتب الوطن” هذا الوطن الذي يراه في روايته الأخيرة “الكتيبة 17″ أنه”إنشودة الحياة وهو عِزّ الماضي وبريق المستقبل وسند الضعيف وهو لقمة الجائع وأمان الملهوف”.
في الختام نقول مبارك لهاشم محمود صدور روايته “الكتيبة17” التي توثق فترة الإحتلال الإيطالي على أمل أن تكتمل السلسلة برواية ننتظرها منه عن الإحتلال البريطاني لبلده لتتضح الصورة ويكتمل العقد. ولا شك أن نتاجه سيجد المكان المرموق في المكتبة العربية وحتى العالمية سيما بعد ان ترجمت بعض رواياته إلى لغات أجنبية ومحلية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى