سراج النعيم يكتب : العيشة قلبتنا _ تسقط بس
مما لا شك فيه، فإن ليل (الظلم) مهما طال، فإنه إلى زوال في أي بقعة من بقاع العالم إلا (ظلم) السودان المستشري بصورة مقلقة جداً، صورة فاقت حد التصور والاحتمال، لأنه لا يمكن القضاء عليه إلا بإصلاح القيم والأخلاق، فـ(الفساد) أصبح براً، بحراً وجواً خاصةً فيما يتصل بالنواحي الاقتصادية، والتي تشهد (فساداً) متجذراً، وهذا الفساد جعل من الأثرياء أكثر ثراء، والفقراء أكثر فقراً، هكذا أطر نظام الرئيس المخلوع عمر البشير له لدرجة أنه لعب دوراً كبيراً في تدمير السودان، والقضاء على (الأخضر) و(اليابس)، فلم تعد المشاريع الزراعية والصناعية الحيوية صالحة للاستخدام، مما يؤكد بأن الظلم الواقع على الشعب السوداني ظلماً (شرساً)، ويزداد شراسة مع إشراقه كل صباح.
إن استمرار الظلم على مدى ثلاثة عقود أثر تأثيراً كبيراً في الحياة التي أصبحت أشد قسوة وإيلاماً، خاصة وأن بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية تمضي وفق إستراتيجيات قائمة على أجندات لا تصب في المصلحة العامة، علماً بأنها ظلت صامته على الظلم طوال الفترة الماضية، والساكت عن (الحق شيطان أخرس)، ولم نسمع لها صوتاً إلا بعد سقوط النظام البائد.
إن (الظلم) الواقع على إنسان السودان سببه إعلاء المصلحة الشخصية على العامة، لذلك على المواطن أن يقول : (لا للظلم)، والذي قال فيه سيدنا عمر بن الخطاب : (يعجبني الرجل الذي إذا أُصيب بظلم، يقول: لا بملء فيه).
الشيء المؤسف جداً، هو أن (الظلم) استشري بصورة مقلقة جداً، لذا السؤال لماذا استمراره رغماً عن سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وهل لازال (الداء) يسري في جسم الإنسان دون اجتزازه من جذوره، وهل لا يستطيع تحاشي دخ السموم؟؟؟، رغماً عن تلك الأسئلة إلا إنني لا أنتظر إجابة عليها، ولكن أؤكد بأن الإنسان لم يعد قادراً على احتمال المزيد من الظلم، والذي جعل حياته المعيشية في غاية الصعوبة، خاصة وأن الوضع يمضي نحو الأسوأ، لدرجة أن حياته أصبحت في خطر فـ(إذا فطر، فإن غداه في خطر)، لذلك يجب عليه أن لا يصمت على وضع اقتصادي بالغ التعقيد، فعندما اسقط الطغاة أسقطهم لـ(لظلم)، لذلك لا يمكن أن يصبر على استمراره مهما كلفه هذا الأمر من ثمن، لأن الصمت ينمي المزيد من الطواغيت.
السؤال الذي يفرض نفسه في هذا الإطار هو لماذا استمرار الظلم رغماً عن التغيير الذي أحدثته ثورة ديسمبر المجيدة؟، والتي رفعت شعارات مناهضة لما يتعرض له السواد الأعظم من ظلم، والذي ينطبق عليه قول ابن خلدون : (إن الظلم لا يقدر عليه إلا من يقدر عليه)، لذلك يجب مقاومة الظلم والقضاء عليه تماماً، فيكفي صمتاً على الظلم.
من المؤكد لن ينصلح الحال إلا بإزاحة الظلم عن المظلومين، وهذه الإزاحة لا يمكن أن تتم بالصمت عليه، وينطبق عليه ما ذهب إليه غاندي : (إذا قاومت العدالة على علم مني، وسكت عنك فأنا ظالم)!
إن الحكومة لم ترفع الظلم عن الإنسان المغلوب على أمره، والذي ظل يبحث عن العدالة في قضايا لها تأثيرها في الرأي العام، وأبرزها قضية فض الاعتصام من أمام ساحة القيادة العامة بالخرطوم، وتنفيذ حكم الإعدام في مواجهة المدانين بقتل الأستاذ أحمد الخير وغيرها من القضايا المتطلبة إنهاء ملفاتها، فهي قضايا لا تحتمل التأخير في القصاص لأن التأخير فيه إعانة للظالم على المظلوم، لذلك هذه دعوة لمحاربة كل ظالم يستبد من خلال السلطة، فالظلم ينادي الظلم، والفساد ينادي الفساد والعنف ينادي العنف، لذلك على الإنسان العمل جدياً على إزالة الظلم بـ(القصاص)، وإن طال ليل الظالمين فنهار المظلومين قادم بالنصر المبين.