زكي عمر ادم يكتب _ التهاب التاريخ
يعتبر التاريخ من أهم عوامل بناء الأمم، و مقومات وجودها و إستمرارها، و سبيل التعرف على عقلها الجمعي، كما أنه يشكل أحد أهم الأدلة للنهوض بها و يقدم النماذج الممتازة، لتكون محل أسوة حسنة و إقتداء، و النماذج الرديئة لتكون محل نفور و حذر، و ذلك عندما يكون منهج الدراسة للتاريخ وليد العقيدة التي أنتجت هذا التاريخ أما عندما تعمل في تقطيعه سكاكين الخارجين و الحاقدين عليه و ذلك بإعتماد قراءته على مناهج و نظريات ذاتية موقلة في الذاتية و المصالح، يتحول إلى هدم و تخريب، و لذلك الفرق كبير بين من يرى في شيخ حسن و د. علي الحاج و عمو ياسين و إخوتهم من قادة و قواعد الحركة الإسلامية الأصيلة نماذج مضيئة مضحية، مجاهدة قدمت التضحيات الجسام لتأسيس و توطيد حركة الإسلام في السودان بل و في العالم، و بين من يرى فيهم مراوغين دكتاتورين مغتصبين لإرادة العضوية بدوافع مادية إقتصادية و إجتماعية.
و الحقيقية أن تاريخ حركة الإسلام في السودان في مراحله المتعددة هو فعل بشر لهم إرادتهم و دوافعهم و مستوياتهم و أخطاؤهم فمنهم صدق بما عاهد الله عليه و ما بدل تبديلا و منهم من أغوته السلطة بشهوتها فباع الفكرة للبشير و عسكره و منهم من فاصل مع الفكرة و رموزها ثم ما لبث أن عاد إلى حضن السلطان بدواعي واهية متهافتة و منهم من كان خميرة عكننة في صفوفها منذو حياة الشيخ و حتى سقوط حكومة الوطني و ما أن لاح بريق سلطة يحمل لواءها الجنرال حتى أصطف معه ضد قيادة الحركة و ظل يجتر و يردد مقولات من سبقوه للإلتحاق بالسلطة و الناظر إلى هذا الصنف يجد أكثرهم ممن كان مشاركاً في آخر حكومة سقطت في أبريل ٢٠١٩م فهل هي الصدفة؟ أم السلطة تمحص الصفوف؟؟؟
و مما يلفت النظر أن الفعل البشري هو المختبر الحقيقي لفكر الإنسان و صدقية إيمانه فالإنسان في المحصلة النهائية هو الفعل و الإنجاز.. إلخ و الأمة هي التأريخ فالتاريخ هو ثمرة لفكر الأمة و قيمها و هو ميدان التقويم الحقيقي أثناء الحكم عليها و هو ميدان الثواب والعقاب عند الله و هو حلقات متصلة تنتظم الأجداد و الآباء و الأبناء و الأحفاد و تنشأ في مناخه الأجيال.
و لذلك هو سبيل للتعرف على الأمم و هويتها و ثقافتها و خصائصها التي كانت وراء أفعالها و ممارساتها، و لتقريب الصورة أكثر أضرب مثالاً باليهود(بني إسرائيل) في عصر النبوة إنحدروا من ذلك التاريخ و ألتصقوا به و لم ينقدوه و يقوموه، إنما تستروا عليه عندما لم يؤمنوا بالوحي الخاتم علماً بأنهم لم يفعلوا فعل آبائهم، و يشاركوا في جرائهم ضد النبوة و الإنسانية لكن طالما المقدمات موجودة فيهم فسوف تكون النتائج ثمرة لخصائصهم و كأنها أصبحت جبلة متوارثه بينهم و شهدنا إعتداءاتهم المتكررة على إخواننا الفلسطينين بعد تأسيسهم لدولتهم المغتصبة لأرض الفلسطينين و هم الآن قوة باطشة معتدية آثمه أكدت صدق النص القرآني فيهم.
فيا تُرى من أي طينة من طين الأمم تنحدر زمرة المؤتمر الوطني التي تلتصق بتاريخها الملطخ بالدماء و السحل و الفساد و الإفساد؟ و لا تريد أن تنتقده و تقومه بل خضعت لحتميته التاريخية.
يشبهون إلى حد كبير اليهود عبدة التاريخ و الآبائية، و لعلكم قرأتم بيانهم أمس بحثهم للحكومة أن تسوي الطريق للغرقى الذين إجتاحتهم السيول في ولاية الجزيرة و نسوا أنهم حكموا هذه البلد ٣٠ سنة عجاف لم يسوا فيها الطريق و يفتحوا فيها قنوات لتصريف مياه الأمطار في أقرب ولاية لمركز سلطتهم و لو أنهم فعلوا ذلك لجنبوا البلاد الكثير من هذه الآثار المدمرة، المؤتمر الوطني إلتهاب تاريخي أصاب أُمته فأسرهم و أغواهم.