منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
التقارير

رسم صورة قاتمة لأحوال المواطنين بسبب الحرب.. السودان فى تقرير “أوتشا”.. اوضاع مأساوية

تقرير : رحمة عبدالمنعم

كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان (أوتشا) عن أرقام صادمة بشأن حجم الاحتياجات الإنسانية في السودان لعام 2025 ووفقاً للتقرير، فإن نحو 30.4 مليون سوداني، أي ما يعادل 64% من سكان البلاد البالغ عددهم 47.5 مليون نسمة، في حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية. ويأتي هذا التصعيد نتيجة مباشرة للحرب التي اندلعت منذ 15 أبريل 2024، والتي دمرت البنية التحتية والخدمات الأساسية في جميع أنحاء البلاد، ودفعت الملايين نحو النزوح والفقر

تداعيات الحرب
ومنذ اندلاع الحرب في أبريل 2023م، شهد السودان انهياراً في سبل العيش وتفاقماً للأزمة الإنسانية، وأشار تقرير “أوتشا” إلى أن الحرب أجبرت 14.8 مليون شخص على مغادرة منازلهم، منهم 3.3 مليون لجأوا إلى دول الجوار، بينما نزح 11.5 مليون داخلياً ،وقد تركزت الأضرار في المناطق الريفية والحضرية، حيث دُمرت المستشفيات والمدارس ومرافق المياه والصرف الصحي، مما جعل الوصول إلى الخدمات الأساسية أمراً شبه مستحيل.
وأوضح التقرير أن الحرب لم تقتصر على التأثير المادي فحسب، بل امتدت لتشمل أنماطاً من العنف المروّع، بما في ذلك العنف الجنسي، القصف العشوائي للمناطق المدنية، والهجمات على المرافق الصحية. كما تسببت الحرب في تعطيل حياة 24 مليون طفل، من بينهم 17 مليون طفل خارج المدارس، مما يهدد بخلق فجوة تعليمية تمتد لأجيال قادمة.

تصاعد الاحتياجات
وأظهر التقرير ارتفاعاً كبيراً في عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية مقارنة بالعام السابق، حيث ارتفع العدد بنسبة 23% من 24.8 مليون إلى 30.4 مليون شخص، وأوضح أن هذا الارتفاع يعود إلى استمرار الحرب، التدهور الاقتصادي، وصعوبة الوصول الإنساني إلى المناطق المتضررة.
وذكر التقرير أن أكثر من نصف المحتاجين هم من الأطفال، حيث يحتاج 16 مليون طفل إلى مساعدات عاجلة تشمل الغذاء، الصحة، والحماية.
وفي الوقت نفسه، فإن النساء والأطفال يمثلون الفئات الأكثر تعرضاً للخطر، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي، حيث تضاعف عدد الأشخاص المعرضين لهذا النوع من العنف ثلاث مرات منذ اندلاع الحرب ليصل إلى 12 مليون شخص.

المناطق المتضررة
وأفاد تقرير “أوتشا” بأن أكثر المناطق تضرراً تشمل دارفور الكبرى، حيث يحتاج 79% من سكانها إلى مساعدات إنسانية، إضافة إلى مناطق كردفان (61%) والخرطوم (48%)،كما شهدت ولايات مثل شمال كردفان والجزيرة وغرب كردفان زيادات حادة في أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية بنسبة 96%، 93%، و85% على التوالي، نتيجة لاستمرار النزوح والتدهور العام في الخدمات.
وأشار التقرير إلى انخفاض الاحتياجات في بعض المناطق مثل غرب ووسط دارفور وجنوب كردفان، إلا أن ذلك لا يعكس تحسناً، بل يعزى إلى النزوح الجماعي لسكانها إلى مناطق أخرى أكثر أمناً نسبياً

قطاع الصحة
وأكد التقرير أن قطاع الصحة في السودان يعاني انهياراً شبه كامل، حيث تعمل أقل من 25% من المرافق الصحية في المناطق الأكثر تضرراً، مثل دارفور وكردفان، وأوضح أن تغطية التطعيم للأطفال انخفضت من 85% قبل الحرب إلى 50% في الوقت الراهن، وفي بعض المناطق مثل دارفور النشطة بالحرب، لا تتجاوز النسبة 30%.
وأشار التقرير إلى أن نقص الموارد الطبية والإمدادات الحيوية أدى إلى تفاقم الأوضاع الصحية، مما جعل الحصول على الرعاية الصحية الأساسية أمراً شبه مستحيل، كما لفت إلى أن الهجمات المستمرة على المرافق الصحية زادت من تعقيد الأزمة، حيث تُستهدف هذه المرافق بشكل متكرر

خطة الاستجابة
وضعت الأمم المتحدة خطة استجابة إنسانية لعام 2025 تهدف إلى جمع 4.2 مليار دولار لتقديم المساعدات لنحو 21 مليون شخص من الفئات الأكثر ضعفاً، وتتضمن الخطة ثلاث أهداف رئيسية وهي توفير مساعدات منقذة للحياة لـ 14.3 مليون شخص، منهم 3.5 مليون امرأة،والاستجابة لاحتياجات الحماية لنحو 3.5 مليون شخص، بما في ذلك 900 ألف امرأة ،و تعزيز الوصول إلى الخدمات الحيوية لـ 4.3 مليون فرد، منهم مليون امرأة.
وتستند الخطة إلى تحليل شامل لثلاث صدمات رئيسية، هي الحرب، الصدمات المناخية مثل الفيضانات، وتفشي الأمراض. وقد أكدت الأمم المتحدة أن توفير الغذاء والمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية والحماية من العنف هي أولويات ملحة لإنقاذ الأرواح وتعزيز الاستقرار.

التحديات الاقتصادية
إلى جانب الآثار المباشرة للحرب، يعاني السودان من أزمة اقتصادية خانقة،وأفاد تقرير “أوتشا” بأن معدلات الفقر قد وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، حيث انخفضت فرص العمل والأعمال التجارية بنسبة 50% في المناطق الحضرية خلال العام الماضي، كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل حاد، إذ بلغ سعر القمح في أبريل 2024 ضعف سعره في العام السابق وخمسة أضعاف سعره قبل ثلاث سنوات.
وأشار التقرير إلى أن التباطؤ الاقتصادي والإصلاحات المالية مثل تخفيض سعر الصرف وظهور سوق صرف موازية قد زادا من صعوبة الحصول على السيولة اللازمة لاستيراد المواد الغذائية.

المجتمع الدولي
وفي تعليق على التقرير، قال الصحفي المتخصص في الشؤون الإنسانية،أحمد الأمين لـ”الكرامة”،: الأرقام التي كشفها تقرير أوتشا تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية ،السودان يواجه كارثة ممتدة لا يمكن احتواؤها دون تدخل عاجل وشامل ..حد قوله
من جهته، أشار الخبير الاقتصادي د. هيثم عبدالرحمن إلى أن الأزمة الإنسانية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأوضاع الاقتصادية، أي خطة استجابة إنسانية لن تكون فعالة ما لم تترافق مع إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمة الاقتصادية وكبح التضخم الذي يدفع ملايين السودانيين نحو مزيد من الفقر

دعوة للتحرك
اختتم مكتب “أوتشا” تقريره بالدعوة إلى تكثيف الدعم الدولي للسودان، مشدداً على أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً، لكنها ضرورة ملحة لإنقاذ الأرواح وتخفيف معاناة ملايين السودانيين ،وأكد أن غياب الدعم الكافي سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، مما يهدد الأمن الإقليمي والدولي على المدى الطويل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى