منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
مقالات

رحمة عبد المنعم يكتب: ستة أعوام على ثورة ديسمبر.. ندم واعتذار للبشير والإسلاميين

تحل اليوم الذكرى السادسة لما يسمى بثورة 19 ديسمبر 2018، التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير وحكم الإسلاميين،تلك الثورة التي رُوِّجت كشعلة أمل تنير طريق الشعب نحو الحرية والسلام والعدالة، لكنها في الواقع فتحت أبواب الفوضى والانهيار، وبدلاً من تحقيق الوعود الكبيرة، دفعت البلاد نحو ظلام لم ينجلِ حتى الآن.

نظام البشير، رغم أخطائه، كان يمثل دولة بمؤسساتها، استطاع أن يوفر قدراً من الأمن والاستقرار، عاش الناس تحت هذا النظام في مستوى معيشي متوسط؛ لا غنى فاحش ولا فقر مدقع، لكنه كان كافياً ليحفظ للناس كرامتهم وأمانهم. لم تكن الأوضاع مثالية، لكنها لم تكن أيضاً كارثية، كان هناك رجال دولة، بخبرة وإنجازات، يديرون البلاد برؤية، حتى وإن شابت تجربتهم بعض العثرات

لكن سقوط النظام كان بداية عهد جديد من الفوضى، فُرّغت الدولة من رجالها، وخلفت الثورة فراغاً سياسياً وأمنياً، صعد فيه أشخاص بلا خبرة ولا كفاءة، لتتحول إدارة البلاد إلى مشهد عبثي عنوانه الارتجال والفشل، كان من بين أبرز مظاهر هذا الانهيار تمدد المجرم المتمرد (حميدتي)، الذي كان ينتظر أسابيع طويلة لمقابلة البشير، ليصبح في ظل الفوضى الحاكم الفعلي للبلاد ،ومع ابتلاعه مقدرات الدولة، أشعل في أبريل 2023 حرباً شنيعة ضد الجيش والشعب، ما زالت نيرانها مشتعلة، ولا يبدو لها نهاية في الأفق

ما أعقب الثورة كان أسوأ مما توقع الجميع، حكم البلاد أفراد يفتقرون إلى الحد الأدنى من مؤهلات القيادة ،من حمدوك، الذي خضع لإملاءات خارجية، إلى خالد سلك، ومحمد الفكي، ووجدي صالح، وغيرهم ممن أداروا المشهد بفشل ذريع. هؤلاء لم يكونوا رجال دولة، بل مجرد أدوات خدمت أجندات خارجية، ساهمت في تفكيك الوطن وتعميق أزماته،كانت النتيجة حرباً شردت الملايين، ومجاعة التهمت أحلام البسطاء، وبلاداً مقطعة الأوصال تعاني الفقر والجوع والانقسام

في هذه الذكرى، أجد نفسي مضطراً للاعتذار، كنت من الذين خرجوا ضد البشير في لحظة انفعال وغضب، ظناً مني أن الثورة ستكون خلاصاً، لكن ما رأيناه وعايشناه منذ ذلك الحين أثبت أننا كنا ضحية مؤامرة استهدفت تمزيق هذا الوطن، نظام البشير، رغم الانتقادات التي وجهت له، كان أقل ضرراً بما لا يقاس من الخراب الذي حلّ بعده

لذلك، أعتذر للرئيس السابق عمر البشير، وأعترف بأننا أخطأنا في حقه وحق نظامه، لقد كان نظاماً يوفر الأمن ويحفظ الحد الأدنى من الكرامة، ما نعيشه اليوم هو الثمن الباهظ الذي دفعناه بسبب اندفاعنا خلف شعارات فارغة جلبت علينا الفوضى والحرب

التاريخ لن يرحم أحداً، ستظل الحقائق شاهدة على من حافظ على هذا الوطن ومن خان مسؤوليته وساهم في تدميره، نسأل الله أن يعيد للوطن أمنه وعافيته، وأن يُخرجنا من هذا النفق المظلم. لقد آن الأوان للتوقف عن الانخداع بالشعارات، والنظر بصدق إلى الأخطاء التي دفعت البلاد إلى هذا المصير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى