منصة عطاءات السودان tender.sd عطاءات السودان
التقارير

حمى الضنك تصادر ابتسامتها.. وداعاً نيلي إبنة الخمسة عشر عاماً

كتب : صديق رمضان

استجمعت كل قواي حتى اتحكم في مشاعري للحيلولة دون زرف الدموع رغم الألم الذي كنت اعتصره في داخلي، الموقف كان يحتّم أن أسعى لمواساة “عبدالله سعيد علي” شقيق زوجتي وأن أظهر ثبات وجلد حتى أتمكن من التخفيف عليه في مهجره بالسعودية.
وحينما اتصلت عليه هاتفياً وقبل أن أنقل إليه التعازي طافت بخاطري صورة الفقيدة ابنته “نيلي” ،وفجأة وجدت أنني انتحب بصوت مرتفع ودموعي قد تسللت من محبسها، بدلاً من مواساته بكلمات تخفف الحزن عنه كانت المكالمة عبارة عن بكاء وما أقسى بكاء الرجال، لم أجد غير أن أنهي المكالمة لفشلي في مهمة التخفيف عن صهري الرجل الطيب الذي ظل يتجرع كأس الغُربة المُر من أجلي الفقيدة نيلي وإخوانها.
واليوم وحينما ذهبت إلى القضارف لأداء واجب العزاء اشحت بوجهي من عمها محمد طاهر والدموع قد تسللت من عيناه وهو يتحدث عن نيلي إبنة الخمسة عشر ربيعاً التي اسرت القلوب وهي حية وادمتها حزناً بعد أن رحلت بغتة دون وداع أثر إصابتها بحمى الضنك التي حصدت الأنفس بقضارف الخير التي نزحت إليها مع أسرتها هرباَ من جحيم الحرب في الخرطوم لتواجه حرباً من نوع آخر يقاتل فيها المواطن المُنهك والمثخن بالجراحات وحيداً من أجل البقاء بعد أن فشلت حكومة القضارف في محاربة “بعوضه”.

الفقيدة “نيلى عبد الله سعيد على” أخذت من إسم جدتها من أبيها الكثير فقد كانت زهرة في كل المواسم بتزيد نضار، وأخذت من إسم والدتها فقد كانت نعمة بتهذييها ووعيها، وابتسامتها التي لاتفارق محياها.

رحلت نيلي الهادئة الرزينة التي كان عقلها يفوق سنيّ عُمرها الغضة، عاشت سنوات معدودة غير أنها وبفضل أخلاقها واحترامها كأنما عاشت عقوداً طوال وستظل ذكرى لايمكن أن يطويها النسيان، رحلت قبل رؤية حلمها بوطن تتحقق فيه أحلامها.

لانجد غير أن نترحم عليها بأن يجعل الله الجنة مثواها وأن يلزم والدها عبدو ووالدتها نعمات واسرتها الصبر.

إنا لله وإنا إليه راجعون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى